للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى رأس كل شهر كذا هنا إلا أن المشايخ بعد هذا اختلفوا في كيفية إمكان الفسخ لكل واحد منهما رأس كل شهر.

وإنما اختلفوا لأن رأس الشهر في الحقيقة عبارة عن الساعة التي يهل فيها الهلال فكما أهل الهلال مضى رأس الشهر فلا يمكن الفسخ بعد ذلك لمضي وقت الخيار، وقبل ذلك لا يمكنه الفسخ لأنه لم يجيء وقته.

والصحيح في هذا أحد الطرق الثلاثة إما أن يقول: الذي يريد الفسخ قبل مضي المدة فسخت الإجارة فيتوقف هذا الفسخ إلى انقضاء الشهر فإذا انقضى الشهر وأهل الهلال عمل الفسخ عمله ونفذ، لأنه لم يجد نفاذاً في وقته يتوقف إلى وقت نفاذه، وبه كان يقول أبو نصر محمد بن محمد بن سلام البلخي.

ونظير هذا ما قال (١٦أ٤) محمد رحمه الله في البيوع: اشترى عبداً على أنه بالخيار فحم العبد وفسخ المشتري العقد بحكم الخيار لم ينفذ هذا الفسخ بل يتوقف إلى أن تزول الحمى في مدة الخيار.

وقال في المضاربة: رب المال إذا فسخ المضاربة وقد صار مال المضاربة عروضاً لم ينفد الفسخ للحال بل يتوقف إلى أن يصير مال المضاربة دراهم أو دنانير فينفذ الفسخ كذا هنا، أو يقول الذي يريد الفسخ في خلال الشهر فسخت العقد رأس الشهر فينفسخ العقد إذا أهل الهلال، ويكون هذا فسخاً مضافاً إلى رأس الشهر وعقد الإجارة يصح مضافاً، فكذا فسخه يصح مضافاً، أو يفسخ الذي يريد الفسخ في الليلة التي يهل فيها الهلال ويومها.

وهذا القائل يقول: لم يرد محمد رحمه الله بقوله لكل واحد منهما أن ينقض الإجارة رأس الشهر من حيث الحقيقة، وهو الساعة التي يهل فيها الهلال فإنما أراد به رأس الشهر من حيث العرف والعادة وهي الليلة التي يهل فيها الهلال ويومها.

وهذا كما قال محمد رحمه الله في كتاب الإيمان: إذا حلف الرجل ليقضين حق فلان رأس الشهر فقضاه في الليلة التي يهل فيها الهلال أو في يومها لم يحنث استحساناً.

وفي القدوري يقول: غرة الشهر ورأس الشهر أول ليلة ويومها، ثم إذا كان لكل واحد منهما أن يفسخ الإجارة رأس الشهر إذا فسخ أحدهما الإجارة من غير محضر من صاحبه هل يصح.

من مشايخنا من قال: إنه على الخلاف على قول أبي حنيفة ومحمد لا يصح، وعلى قول أبي يوسف يصح، وهذا لأن الخيار ثبت لكل واحد منهما رأس الشهر لنوع ضرورة والثابت ضرورة والثابت شرطاً سواء ولو كان الخيار مشروطاً لكل واحد منهما كانت المسألة على الخلاف كذا هاهنا.

ومنهم من قال: لا يصح الفسخ ها هنا إلا بمحضر من صاحبه بلا خلاف، والفرق لأبي يوسف أن المشروط له الخيار إنما ملك الفسخ بغير محضر من صاحبه، لأنه مسلط على الفسخ من جهة لأن الخيار مشروط للفسخ والمسلط على التصرف يملك التصرف من

<<  <  ج: ص:  >  >>