[الفصل العاشر في اللبس؛ ما يكره من ذلك، وما لا يكره]
ذكر محمد رحمه الله في «السير» في باب العمائم حديثاً يدل على أن لبس السواد مستحب، وأن من أراد أن يجدد اللف بعمامته ينبغي أن ينقضها كوراً كوراً، وإن ذلك أحسن من رفعها عن رأسه وإلقائها في الأرض دفعة واحدة، وإن المستحب إرسال ذنب العمامة بين الكتفين، واختلفوا في مقدار ما ينبغي أن من يكون من ذنب العمامة، منهم من قدره بشبر، ومنهم من قال: إلى وسط الظهر، ومنهم من قال: إلى موضع الجلوس.
وذكر فيه أيضاً: أنه لا بأس بلبس القلانيس، فقد صح أنه كان لرسول الله عليه السلام قلانيس يلبسها.
ذكر في «الجامع الصغير» عن أبي حنيفة: أنه كان يكره لبس الحرير والديباج، وكان لا يرى بالتوسد به والنوم عليه بأساً، وقال محمد رحمه الله: يكره التوسد والنوم كما يكره اللبس، وقول أبي يوسف رحمه الله مثل قول محمد.
يجب أن تعلم بأن لبس الحرير وهو ما كان لحمته حريراً وسداه حريراً حرام على الرجال في جميع الأحوال عند أبي حنيفة رضي الله عنه، وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله: لا يكره في حالة الحرب، ويكره في غير حالة الحرب، ومن العلماء من قال: لا يكره ذلك في الأحوال كلها. وفي «شرح القاضي الإمام الإسبيجابي» رحمه الله: أن عند أبي يوسف ومحمد إنما لا يكره لبس الحرير للرجال في حالة الحرب إذا كان صفيقاً يدفع مضرة السلاح.
والكلام في موضعين: في حالة الحرب، وفي غير حالة الحرب:
أما في حالة الحرب: فحجة قول من قال بعدم الكراهية ما روى عقبة بن عامر أن النبي عليه السلام صلى وعليه حرير.
وجه قول عامة العلماء: ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن لبس الحرير والديباج، وقال:«إنما يلبسه من لا خلاق له في الآخرة» ، وعنه عليه السلام أنه نهى عن لبس الحرير والديباج إلا قدر إصبعين، أو ثلاثة، أو أربعة، وأراد به الأعلام،