وفيه أيضاً: رجل له حمامة طارت منه، فرماها صاحبها أو غيره، فإن كانت لا تهتدي إلى منزلها أصابت الرمية مذبحها، أو موضعاً آخر، وإن كانت تهتدي إن أصابت الرمية المذبح حل أكلها، وإن أصابت موضعاً آخر اختلف المشايخ، ونص محمد رحمه الله في «العيون» : أنه لا يحل أكلها، وهكذا ذكر في «فتاوى أهل سمرقند» .
وكذا ذكر «البقالي في فتاويه» وعلى هذا الظبي؛ إذا علم في البيت فخرج إلى الصحراء، فرماه رجل، فإن أصاب المذبح يحل أكله، وإن أصاب موضعاً آخر؛ لا يحل أكله إلا أن يتوحش، فلا يؤخذ إلا بصيد، وإن أصاب الظلف أو القرن فقتله حل إذا أدماه، وخلصت الرمية إلى اللحم، وكذلك المتردي إليه إذا لم يقدر على إخراجه، ولا على مذبحه، فإن ذكاته ذكاة الصيد.
في «المنتقى» : بعير تردى في بئر فوجأه وجأة يعلم أنه لا يموت منها؛ لا يؤكل، وإن كان شاكاً أكل.
وفيه أيضاً: رجل حمل عليه بعير غيره ليقتله فقتله أكل لحمه؛ إن كان لا يقدر على أخذه، وأراد بذلك ذكاته، وإن لم يرد به ذكوته لا يؤكل، وجعل الصيال بمنزلة الند.
وفي «النوازل» : بقرة تعسر عليها الولادة، فأدخل صاحبها يده وذبح الولد؛ حل أكله، وإن جرحه في غير موضع الذبح إن كان لا يقدر على مذبحه يحل، والله أعلم.
[الفصل العاشر فيما أبين من الصيد]
قال: إذا قطع من يد شاة قطعة، أو من فخذها لا يحل، وأهل الجاهلية كانوا يفعلون ذلك، فرد عليهم رسول الله عليه السلام، فقال: « (ما) أبين من الحي، فهو ميتة» ؛ ثم الأصل في جنس هذه المسائل: أنه ينظر إن كان الصيد مما يعيش بدون المبان، فإن المبان منه يؤكل؛ إذا مات من ضربه ورميه والمبان لا يؤكل، وإن كان الصيد لا يعيش بدون المبان يؤكل المبان منه، والمبان جميعاً.
مثال الأول: إذا قطع فخذه فأبانها.
مثال الثاني: إذا قطع الرأس؛ وهذا لأنا إنما عرفنا حرمة المبان بالحديث الذي روينا، والحديث يتناول المبان الحي المطلق، والمطلق ينصرف إلى الكامل، فتناول الحي صورة ومعنى، فإذا كان المبان الفخذ أو ما أشبه ذلك فيما يعيش الصيد بدونه، فهو مبان من الحي حقيقة، ومعنى.
وإذا كان المبان رأس أو ما أشبهه، فهذا مبان من الحي صورة ومن الميت معنى؛ لأنه لا يبقى بعد مثل هذا القطع إلا قدر ما يبقى في المذبوح بعد الذبح، وذلك القدر من