للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقضي له ومن مقضي به، وها هنا إن وجد المقضي عليه، وهو السفيه، والمقضي به وهو السفه لم يوجد المقضي له؛ لأن الولي الذي رفع الأمر إلى القاضي لا يصلح مقضياً له؛ لأن القاضي بهذا الحجر لا يقضى له على المحجور بشيء حتى لو وجد القضاء بأن وجد المقضي له أيضاً، بأن يصرف المحجور بعد الحجر تصرفاً، ورفع إلى هذا القاضي، أو إلى قاض آخر، وصححه، أو أبطله بعد ذلك عند الكل حتى لم يكن لقاض آخر بعد ذلك أن يبطله.

فإن قيل: إذا لم يكن هذا قضاء على الحقيقة كان بمنزلة الفتوى، فينبغي أن لا يتحجر عندها كما لو أفتى به مفت آخر.

قلنا: الحجر يثبت من غير قضاء، إذا كان للحاجر ولاية الحجر، وإن لم يكن الحجر نصاً كالحجر من المولى على عبده، وكالحجر من الولي على الصبي عن التجارة، فإن ذلك صحيح، وإن لم يكن قضاء على الحقيقة؛ لأن له ولاية الحجر كذا ها هنا للقاضي ولاية الحجر على السفيه بحكم القضاء، فيصح حجره، وإن لم يكن حجره قضاء على الحقيقة.

[الفصل العشرون: فيما يجوز فيه قضاء القاضي وما لا يجوز]

يجوز بأن يعلم بأن الإنسان لا يصلح قاضياً في حق نفسه.

إما لأنه لا يصلح شاهداً لنفسه، ومن لا يصلح شاهداً في شيء لا يصلح قاضياً فيه؛ لأن كل واحد منهما من باب الولاية؛ لأن فيه تنفيذ القول على الغير، إلا أن ولاية القضاء أقوى، وتنفيذ القول فيه أبلغ، فمن لا يصلح لأولى الولايتين كيف يصلح لأعلاهما؟

وإما لأن القضاء لا بد له من مقضي له ومن مقضي عليه، فإذا قضى القاضي لنفسه من كل وجه، أو من وجه لا ينفذ قضاؤه غير أنه إذا قضى لنفسه من كل وجه لا ينفذ بإمضاء قاض آخر، وإذا قضى لغيره من كل وجه، فإن لم يصلح قاضياً بيقين لا ينفذ قضاؤه، وإن أمضاه قاض آخر، وإن كان في صلاحه اختلاف، فإذا أمضاه قاض نفذ قضاؤه بالإجماع.

وإن وقع الخلاف في قضاء القاضي أنه قضى لغيره من كل وجه، أو قضى لغيره من وجه لنفسه، يتوقف على إمضاء قاض آخر، وسيأتي بيانه في خلال المسائل إن شاء الله تعالى.

قال في كتاب الوكالة: وإذا وكل القاضي رجلاً ببيع دار أو بإجارتها، وبالخصومة له في كل حق يطلبه قبل رجل، أو بطلب حق قبله رجل، فهو جائز وهذا ظاهر، ولا يجوز للقاضي أن يقضي لوكيله، أما إذا كان وكيلاً بالخصومة؛ لأن الوكيل في الخصومة

<<  <  ج: ص:  >  >>