تفسد؛ لأن هذه قراءة، ولو قرأ {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ علَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصّدْقِ إِذْ جَآءهُ أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى لّلْكَفِرِينَ}(الزمر: ٣٢) شدد الذال في كذب اختلف المشايخ فيه، ولو قرأ {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَآء ذلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}(المؤمنون: ٧) وشدد الدال تفسد صلاته بلا خلاف.
ومثال الأول: في ترك المدّ إذا قرأ {إِنَّآ أَعْطَيْنَكَ}(الكوثر: ١) بدون المد.
ومثال الثاني: إذا قرأ {سَوَآء عَلَيْهِمْ}(البقرة: ٦) بدون المد ونحو إن قرأ {دُعَآء وَنِدَآء}(البقرة: ١٧١) بدون المد اختلف المشايخ فيه، كما في ترك التشديد والله أعلم.
ومما يتصل بهذا الفصل
إذا فرغ المصلي من فاتحة الكتاب، وقال آمين بالمدّ والتشديد فقد قيل تفسد صلاته، وقيل لا تفسد على قول أبي يوسف؛ لأن هذه الكلمة مع المدّ والتشديد منقولة في القرآن، قال الله تعالى {وَلآ ءامّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ}(المائدة: ٢) ، وقيل: لا تفسد على قولهما أيضاً؛ لأن هذه قراءة، وعليه الفتوى.
وينبغي أن يقول آمين بغير مد ولا تشديداً، أو آمين بالمد دون التشديد، وأصله يا آمين استجب لنا، إلا أنه لما سقط عنه ياء النداء أدخل فيه المد، وأقيم المد مقام النداء، ولو قرأ من بالمد وحذف الياء لا تفسد على قول أبي يوسف؛ لأنه مذكور في القرآن، ولو قرأ آمن بترك المد وحذف الياء ينبغي أن تفسد؛ لأن مثله لا يجد في القرآن والله أعلم.
[الفصل العاشر في اللحن في الإعراب]
إذا لحن في الإعراب لحناً، فهو على وجهين: إما أن يتغير المعنى بأن قرأ {لاَ تَرْفَعُواْ أَصْوتَكُمْ}(الحجرات: ٢) أو قرأ {إن الذين يفضون أصواتهم}(الحجرات: ٣) أو قرأ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ}(طه: ٥) بنصب الرحمن، وفي هذا الوجه لا تفسد صلاته بالإجماع. وأما إن غيّر المعنى، بأن قرأ {هو االخالق البارىء المصور}(الحشر: ٢٤) بنصب الواو ورفع الميم، وقرأ {وَعَصَى ءادَمُ رَبَّهُ}(طه: ١٢١) بنصب الميم ورفع الباء، أو قرأ {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنّى جَعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرّيَّتِى قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّلِمِينَ}(البقرة: ١٢٤) برفع إبراهيم ونصب الرب، أو قرأ {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}(الناس: ٦) بنصب الجيم، أو قرأ {عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ}(التوبة: ٤٣) بكسر الكاف والتاء.
وفي هذا الوجه اختلف المشايخ، قال بعضهم؛ لا تفسد صلاته وهكذا روي عن أصحابنا وهو الأشبه؛ لأن في اعتبار الصواب في الإعراب إيقاع الناس بالحرج، والحرج مرفوع شرعاً.
وروى هشام عن أبي يوسف إذا لحن القارىء في الإعراب، وهو إمام قوم وفتح عليه رجل إن صلاته جائزة، وهذه المسألة دليل على أن أبا يوسف كان لا يقول بفساد