في «فتاوى أهل سمرقند» : رجل مات وترك ثلاثة بنين وترك خمسة عشر خابية، خمسة منها مملوءة خلاً، وخمسة منها إلى نصفها خل، وخمسة منها خالية، كلها مستوية، فأراد البنون أن يقسموا الخوابي على السواء من غير أن يزيلونها عن موضعها.
فالوجه في ذلك: أن يعطى أحد البنين خابيتين تعلو مملوءتين وخابيتين خاليتين وخابيه إلى نصفها خل، ويعطى الثاني كذلك من كل خمس خوابي أحدها مملوءة وأحدها خالية وثلاث خوابي إلى نصفها خل، يعطي الثالث ذلك؛ لأن المساواة بذلك تقع.
سئل الفقيه أبو جعفر رحمه الله: عن سلطان غرم أهل قرية، فأرادوا قسمة ذلك الغرامة، واختلفوا فيما بينهم، قال بعضهم: تقسم على قدر الأملاك، وقال بعضهم: تقسم ذلك على قدر الرؤوس، قال: إن كانت الغرامة لتحصين أملاكهم يقسم ذلك على قدر الأملاك؛ لأنها مؤنة الملك، فتقدر بقدر الملك وإن كانت الغرامة لتحصين الأبدان يقسم ذلك على عدد الرؤوس؛ لأنها مؤنة الرؤوس، ولا شيء على النسوان والصبيان في ذلك، لأنه لا يتعرض لهم.
سئل حمدان بن سهل عن قسمة العين، قال: يقسم بالكوارجات، قبل: فإن لم يكن، قال: فبالحبال. قال الفقيه أبو الليث: يجوز بالحبال لقلة التفاوت فيها استحساناً.
سئل شيخ الإسلام (٣أ٤) أبو الحسن عن رجلين بينهما أعناب كرم على الشركة يقسمان ذلك بينهما كيلاً بالسولجة، أو وزناً بالقبان أو الميزان، قال: كل ذلك واسع؛ لأن الناس تعارفوا العنب كيلاً أو وزناً، فثبت التساوي بالطريقين جميعاً، فيجوز والله أعلم.
[الفصل الثالث: في بيان ما يقسم وما لا يقسم، وما يجوز من ذلك وما لا يجوز]
قال محمد رحمه الله في «الأصل» : بيت بين رجلين أراد أحد هما قسمته وأبى الآخر، وارتفعا إلى القاضي، فإن كان البيت كبيراً بحيث لو قسم أمكن لكل واحد منهما أن ينتفع بنصيبه انتفاع البيت كما قبل القسمة، فإن القاضي يقسم بينهما، وإن كان البيت صغيراً بحيث لو قسم لا يمكن لكل واحد منهما أن ينتفع به انتفاع البيت، فإنه لا يقسم إذا كان الآخر يأبى القسمة؛ لأن في هذا الوجه طالب القسمة متعنت في طلب القسمة قاصد للإضرار بنفسه وبشريكه بإتلاف منفعة كانت لهما قبل القسمة، والتعنت مردود، وفي الوجه الأول طالب القسمة قاصد تكميل منافع الكل على نفسه وعلى شريكه، وشريكه في الإباء متعنت.
وإن طلبا القسمة في الوجه الثاني من القاضي، فعنه روايتان: في رواية يقسم