فشاء أحدهما عتقا، وإذا جمع بين عبده وبين من لا يعتق عليه العتق، كالبهيمة والحائط وقال: عبدي حر أو وهذا أو قال: أحدهما حر عتق عبده عند أبي حنيفة، وقالا: لا يعتق عبده، كذا ذكر في بعض المواضع، وذكر في بعض المواضع قول أبي يوسف مع أبي حنيفة، وجه قول من قال إنه لا يعتق العبد إن كلمّهُ، وإذا دخلت بين شيئين أوجبت الشك فصار في حق العبد، كأنه قال: أنت حر أولاً، ولو نص عليه هذا لا يعتق العبد كذا ها هنا. واعتبره بما إذا جمع بين عبيده، وبين عبد غيره، وقال: ذلك وجه قول أبي حنيفة رحمه الله إن الشك إنما يقع بحكم كلمة، أو إذا صح الضم وإنما يصح الضم إذا كان كل واحد منهما قائلاً بحكم ما أضيف إليهما، والمضموم ها هنا لا يقبل الحرية فلغى الضم فصار العبد هو المعتق، وجاز إيقاع العتق على المعتق بهذا اللفظ كما نوى الإيقاع عبده.
وذكر محمّد رحمه الله في عتاق «الأصل» إذا قال: أحد عبيدي حر ولا يعلم له إلا عبد واحد عتق عبده، وهذا بخلاف ما لوجمع بين عبده وبين عبد غيره؛ لأن عبد الغير محل للعتق، ولهذا جاز عتقه بإجازة مولاه فصح الضم، أما ها هنا بخلافه وروى ابن سماعة محمّد رحمه الله أنه إذا جمع بين عبده وبين مالا يقع عليه العتق وقال: هذا حر أو هذا لا يعتق عبده، ولو قال: أحدكما حر عتق عبده.
والفرق: أنه إذا قال: هذا حر هذا فقد أدخل كلمة الشك فصار في حق عبده كأنه قال أنت حر أو لست بحر، وإذا قال: أحدكما حر فهنا أدخل كلمة الشك بل وصف أحدهما بالحرية والعبد متعين لذلك، فانصرف إليه.
ولو جمع بين أمة حية وبين ميتة وقال: أحدكما حرة لا تعتق الحية؛ لأن الميتة توصف بالحرية إخباراً. يقال: فلانة ماتت حرة فلا تتعين الحية لهذا الوصف والله أعلم.
[الفصل الخامس في إعتاق بعض الرقيق]
وإذا أعتق الرجل بعض العبد بأن أعتق نصفه أو ثلثه أو ربعه فهذا على وجهين: أما إن كان العبد كله له أو كان العبد مشتركاً بينه وبين غيره؛ فإن كان العبد كله له فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله يعتق قدر ما أعتقه ويبقى الباقي رقيقاً، إن شاء أعتقه وإن شاء استسعاه. وقال أبو يوسف ومحمّد رحمهما الله: يعتق كله، ولا سبيل له على العبد، وإن كان العبد مشتركاً بينه وبين غيره فأعتق نصيبه فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله يعتق نصيبه لا غير، سواء كان المعتق موسراً أو معسراً؛ إلا أنه إن كان موسراً فللساكت في نصيبه خيارات. ثلاثة: إن شاء أعتق نصيبه، وإن شاء ضمن شريكه قيمة نصيبه، وإن شاء استسعى العبد في نصيبه. وإن كان معسراً فله خياران: إن شاء أعتق، وإن شاء استسعى. ومن أعتق أو استسعى قالوا بينهما نصفان، وإذا ضمن المعتق بأن كان المعتق موسراً رجع المعتق بما ضمن على العبد عند أبي حنيفة رحمه الله، فالعبد لا يختص له عن السعاية على قول أبي حنيفة رحمه الله.