مثله مثل هذه المسألة في الشفعة للحسن بن زياد، وإن كان الشفيع شفيعها لإحدهما وقد وقع البيع صفقة واحدة ذكر شيخ الإسلام في «شرحه» : أنه يأخذ الدار التي هو شفيعها في ظاهر الرواية، وروى عن أبي حنيفة رواية شاذة أنه ليس له ذلك، إما أن يأخذهما أو يتركهما.u
وعلى هذه الرواية قال أبو حنيفة رحمه الله: لو اشترى المشتري الدار مع متاع فيها صفقة واحدة، فالشفيع يأخذ الدار مع المتاع أو يدع الكل، وذكر شمس الأئمة السرخسي في «شرحه» كان أبو حنيفة رحمه الله يقول: أولاً له أن يأخذهما جميعاً أو يدع، ثم رجع وقال: لا يأخذ واحدة منهما، ثم رجع وقال: يأخذ التي هو شفيعها خاصة، وهو قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله، وفي الشفعة للحسن بن زياد في مثل هذه المسألة: أن الشفيع يأخذ الكل أو يدع الكل، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وقد ذكرنا قول أبي يوسف في ابتداء الفصل في القراحين والبساتين، وذكرنا قولي محمد في الأقرحة والحوانيت والله أعلم.
[الفصل الخامس: في الحكم بالشفعة والخصومة فيها]
قال محمد رحمه الله: ولا ينبغي للقاضي أن يقضي بالشفعة حتى يحضر الشفيع الثمن، وطلب أجلاً أجّله يومين أو ثلاثة ولم يقض له بالشفعة، وإن قضى بالشفعة نفذ قضاؤه، ولا ينقض حتى لو أبى الشفيع أن ينقد الثمن حبسه القاضي.
وفي «المنتقى» : قال هشام عن محمد رحمه الله: إذا قال الشفيع للقاضي: اقض لي بالشفعة ودعها على حالها من غير أن يسلم إلي حتى آتيك بالمال لم يفعل ذلك، وذكر شمس الأئمة السرخسي في شرح كتاب الشفعة أن القاضي يقضي بالشفعة، وإن لم يحضر الشفيع الثمن في قول أبي حنيفة الإمساك وأبي يوسف رحمهما الله، ويكون للمشتري حق الإمساك إلى أن يستوفي الثمن.
قال القدوري: وقد روى الحسن عن أبي حنيفة مثل قول محمد: أن القاضي لا يقضي بالشفعة حتى يحضر الشفيع الثمن، وإذا رفع الشفيع الأمر إلى القاضي وطلب منه أن يقضي له، فهذا على وجهين: إن كانت الدار في يد البائع، فالقاضي لا يسمع خصومته، ولا يقضي له بالشفعة إلا بحضرة البائع والمشتري؛ لأن اليد للبائع والملك للمشتري، فكان القضاء متعرضاً للحقين، فلا بد من حضرتهما، وإن كانت الدار في يد المشتري، فالخصم هو المشتري وحده يشترط حضرته، ولا يشترط حضرة (١٦٩ب٣) البائع؛ لأنه ليس له ملك ولا يد، فكان كالأجنبي.
فإن أخذ الدار من المشتري، فعهدته وضمان ماله على المشتري.
وإن أخذها من البائع، فعهدته وضمان ماله على البائع عندنا؛ لأن بالأخذ من البائع ينفسخ العقد الذي جرى بين البائع والمشتري، ويقع التملك