والحاصل: أن الاستعارة من أحد شريكي العنان إذا كانت منفعة العارية راجعة إلى المستعير خاصة ليس كالاستعارة منهما، والاستعارة من أحد شريكي العنان إذا كانت منفعة العارية راجعة إليهما كالاستعارة منهما، ولم يجعل هكذا في الشراء، فإنه إذا اشترى أحدهما شيئاً من تجارتهما، فليس للبائع أن يطالب الآخر بالثمن، ولم يجعل البيع من أحدهما بمنزلة البيع منهما.
[الفصل الخامس في الشركة بالوجوه]
وقدم مررّصورتها، وشرط جوازها في صدر الكتاب.
قال محمد رحمه الله: وإذا اشتركا شركة عنان بأموالهما ووجوههما، فاشترى أحدهما متاعاً، فقال الشريك الذي لم يشترِ: المتاع من شركتنا، وقال المشتري: هو لي، وإنما اشتريته بمالي وبنفسي، فإن كان المشتري يدعي الشراء لنفسه بعد الشركة، فهو بينهما على الشركة إذا كان المتاع من جنس تجارتهما، وإن كان يدعي الشراء لنفسه قبل الشركة ينظر إن علم تاريخ الشراء، وتاريخ الشركة ينظر إلى أسبقهما تاريخاً، فإن كان تاريخ الشراء أسبق، فهو للمشتري مع يمينه بالله ما هو من شركتنا، وإن كان تاريخ الشركة أسبق، فهو على الشركة؛ لأن ما اشتراه أحد الشريكين بعد الشركة من جنس تجارتهما لنفسه حال غيبة الشريك الآخر، فهو على الشركة؛ لأنه لا يملك عزل نفسه حال غيبة صاحبه.
وإن علم تاريخ الشراء، أنه كان قبل هذه المنازعة بشهر، ولم يعلم تاريخ الشركة، فهو للمشتري خاصة؛ لأنه إذا لم يعلم للشركة تاريخ، وإنها حادثة يحال بحدوثها على أقرب ما ظهر كأنهما عقدا الشركة للحال، فيصير الشراء قبل الشركة.
وإن علم تاريخ عقد الشركة أنه كان قبل هذه المنازعة بشهر، ولم يعلم تاريخ الشراء أصلاً، فهو على الشركة، ويجعل كأنه اشتراه للحال لما مرَّ، وإن علم للشركة، والشراء تاريخ، فهو للمشتري مع يمينه بالله ما هو من شركتنا؛ لأنه إذا لم يعلم تاريخهما يجعل كأنهما وقعا معاً، ولو وقعا معاً، فالمشترى لا يكون على الشركة؛ لأن المشترى إنما يكون على الشركة إذا حصل الشراء بعد الشركة.
[الفصل السادس في الشركة بالأعمال]
قد ذكرنا أنها نوعان: صحيحة، وفاسدة.
فالصحيحة: الشركة في تقبل الأعمال، وقد ذكرنا صورتها وشرائطها وحكمها.