للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل السابع في تصرف أحد الشريكين في الدين المشترك]

كل دين وجب في شيء على واحد بسبب واحد حقيقة وحكماً؛ كان الدين مشتركاً بينهما، فإذا قضى أحدهما شيئاً منه؛ كان للآخر أن يشاركه في المقبوض عندنا؛ لا على اعتبار القبض، فبسبب القبض يزداد نصيب القابض، وهذه الزيادة مستندها بها إلى أصل القبض الحق، فإذا كان الحق مشتركاً بينهما، فكذا الزيادة فيه تكون مشتركاً بينهما، كالولد والثمن ويستوي في هذا الحكم أن يكون المقبوض أجود منه أو أردأ؛ لأن حق الشركة إنما يثبت باعتبار الزيادة الحاصلة بسبب القبض، فثبتت الشركة في عين المقبوض سواء كان المقبوض أجود أو أردأ، وكل دين وجب في شيء بسببين مختلفين حقيقة وحكماً أو حكماً لا حقيقة، لا يكون مشتركاً حتى إذا قبض أحدهما شيئاً ليس للآخر أن يشاركه فيما قبض.

بيانه من المسائل ما ذكر في «الجامع» : رجلان باعا عبداً بينهما من رجل بثمن معلوم، فقبض أحدهما شيئاً من الثمن من المشتري؛ كان للآخر أن يشاركه فيه؛ لأن هذا دين وجب لهما بسبب واحد؛ حقيقة وحكماً؛ أما حقيقة فظاهر، وأما حكماً؛ فلأن صحة بيع أحدهما منوطة بصحة بيع الآخر؛ حتى لو قبل المشتري نصيب أحدهما دون الآخر لا يجوز، ولو سمى كل واحد لنصيبه ثمناً على حدة، فيقبض أحدهما شيئاً من الثمن لم يكن للآخر أن يشاركه في ظاهر الرواية؛ لأن الصفقة بها تتفرق في ظاهر الرواية، ولهذا كان للمشتري أن يقبل نصيب أحدهما دون الآخر.

ولو كان لأحدهما عبد، وللآخر أمة باعاهما بألف درهم، فقبض أحدهما شيئاً من الثمن كان للآخر أن يشاركه؛ لأن السبب متحد حكماً، فكان الواجب به مشتركاً، وإن كان بدلاً عما ليس بمشترك، ولو سمى كل واحد منهما لمملوكه ثمناً؛ لم يكن للآخر أن يشارك القابض في المقبوض في ظاهر الرواية؛ لما قلنا.

ولو أجر داراً مشتركاً بينهما من رجل بأجر معلوم؛ اشتركا فيما يقبضان؛ لأنهما باعا منفعة مشتركة بأجر واحد، فيعتبر بما لو باعا عيناً مشتركاً بثمن واحد.

ولو أمر رجلاً رجلين أن يشتريا له جارية، فاشترياها، ونقد الثمن من مال مشترك بينهما، أو من مال متفرق، ثم يشتركان مما يقبضان من الآمر؛ لأن سبب وجوب الدين للوكيل على الموكل مختلف حكماً؛ لأن سبب الوجوب على الموكل البيع الحكمي الذي جرى من الوكيل والموكل، كأن الوكيل اشترى لنفسه، ثم باعه من الموكل بما وجب للبائع على الوكيل، وقد وجب على كل واحد من الوكيلين خمسمائة، فصار كل واحد من الوكيلين بائعاً نصفه بخمسمائة، ولو صرحا بذلك؛ كان السبب مختلفاً حكماً في ظاهر الرواية.

ولو كان لرجل ألف درهم دين لرجل، فكفل عن الغريم رجلان فأديا، ثم قبض أحد الكفيلين من الغريم شيئاً؛ كان محمد يقول أولاً: لا يكون للآخر حق المشاركة إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>