من آخر حانوتاً، ثم اشتركا في عمل يعملا في ذلك الحانوت، ويقول محمّد بن سلمة: ويسقط الأجر إذا عملا فيه بحكم الشركة، لأنه لم يسلم المعقود عليه، وفي آخر باب إجارة الدور من إجارت الأصل إذا تكارى داراً شهراً، فأقام معه ربّ الدار فيها إلى آخر الشهر فقال المستأجر: لا أعطيك الأجر؛ لأنك لم تحل بيني وبين الدار، فعليه من الأجر بحساب ما كان في يده اعتباراً للبعض بالكل.
الفصل الثامن عشر: في فسخ الإجارة بالعذر وبيان ما يصلح عذراً وما لا يصلح
الإجارة تنفسخ بالأعذار عندنا؛ لأن الفسخ في باب الإجارة امتناع عن القبول من وجه وفسخ لعقد منعقد من وجه؛ لأن في حق المعقود عليه وهو المنافع يتجدد انعقادها ساعة فساعة على حسب حدوث المنافع، وفي حق الأجرة يعتبر منعقداً في الحال؛ لأنه لا ضرورة في حق الأجرة، وإنما تأخر وقوع الملك في الأجر لا لعدم انعقاد العقد في حقه للحال بل ضرورة بأمر الملك في المنفعة تحقيقاً للتساوي.
ولهذا قلنا: إن الأجرة تملك بالتعجيل أو باشتراط التعجيل ولو لم يكن العقد منعقداً في طرف الأجرة، لما ملكت بالتعجيل أو اشتراط التعجيل كما إذا أضيفت إلى وقت آتي، وإذا اعتبرت الإجارة منعقدة في الحال في حق الأجرة وفي حق المنافع تعتبر متجدداً انعقادها ساعة فساعة، كان الفسخ امتناعاً عن القبول من وجه فسخاً لعقد منعقد من وجه ضمن بهما في حالين، فاعتبرناه امتناعاً عن القبول حال عذر يتمكن في العاقد فجوزناه من غير قضاء، ولا رضا صاحبه على ما عليه إشارات «الأصل» و «الجامع الصغير» ، واعتبرناه فسخاً لعقد منعقد حال عدم العذر فلم يجوزه بغير رضا صاحبه توقراً على الشبهين حظهما بقدر الإمكان، وإنما أظهرنا نسبة الامتناع عن القبول حالة عدم العذر؛ لأنا لو أظهرنا نسبة الامتناع عن القبول حالة عدم العذر، يلزمنا إظهاره حالة العذر من الطريق الأولى فحين يتعطل العمل بالشبهين فعملنا على الوجه الذي قلنا، لتمكننا العمل بالشبهين.
واستفتح محمد رحمه الله قول من يقول: بأن الإجارة لا تنفسخ بالأعذار.
فقال: أرأيت لو أن رجلاً استأجر رجلاً ليقلع سنّه لوجع أصابه، أو استأجر رجلاً ليقطع يده لآكلة وقعت فيها فسكن الوجع وبرأت اليد، أيجبر المستأجر على المضي في الإجارة، والتمكين من قلع السنّ وقطع اليد؟.
أرأيت لو استأجر رجلاً ليتخذ له وليمة لعرس فماتت المرأة، أيجبر المستأجر على المضي؟ لا شك أنه لا يجبر لما في المضي من الضرر، وإنه قبيح ثم العذر إذا تحقق تنفسخ الإجارة بنفس العذر أو تحتاج فيه إلى الفسخ، لم يذكر محمد رحمه الله هذا نصاً في شيء من الكتب وإشارات الكتب متعارضة في بعضها يشير إلى أنها تنفسخ بنفس