العذر، وبه أخذ بعض المشايخ وفي عامتها يشير إلى أنه يحتاج فيه إلى الفسخ، وعليه عامة المشايخ وهو الصحيح.
ومن المشايخ من قال: كل عذر يمنع المضي في موجب العقد شرعاً، تنتقض الإجارة بنفسه ولا تحتاج فيه إلى الفسخ كما في مسألة الآكلة وقلع السنّ، فإن بعد ما برأت اليد وسكن الوجع لا يجوز قلع السنّ وقطع اليد فلا فائدة في إبقاء العقد، فتنتقض ضرورة وكل عذر لا يمنع المضي في موجب العقد شرعاً ولكن يلحقه نوع ضرر يحتاج فيه إلى الفسخ، ثم إذا احتيج إلى الفسخ على ما عليه إشارات عامة الكتب مقر وصاحب العذر بالفسخ أو يحتاج فيه إلى قضاء القاضي أو رضا العاقد الآخر.
ذكر في «الزيادات» : أنه يشترط القضاء أو الرضا وإليه أشار في «الجامع الصغير» وفي «الأصل» إلى أنه لا يشترط القضاء، أو الرضا ومن شرط النقض من المشايخ اختلفوا فيما بينهم، بعضهم قالوا: ما ذكر في «الزيادات» : محمول على عذر يحتمل الاشتباه كما إذا لحق الآخر دين وهو يدعي أنه لا وفاء له، إلا من ثمن الدار؛ إذ يحتمل أن له وفاء بعين الدار المستأجرة فيحتاج فيه إلى القضاء ليزول الاشتباه بالقضاء، وما ذكر في «الأصل» وفي «الجامع الصغير» محمول على ما إذا كان العذر أمراً واضحاً لا اشتباه فيه، فلا يحتاج فيه إلى القضاء.
ومنهم من قال: في المسألة روايتان وجه رواية «الجامع الصغير» ، و «الأصل» أن هذا في معنى العيب قبل القبض، فإن المنافع لا تصير مقبوضة لقبض الدار حقيقة والعيب قبل القبض يوجب الفسخ من غير قضاء ولا رضا كما في بيع العين.
وجه ما ذكر في «الزيادات» : أن هذا إن كان في معنى العيب قبل القبض حقيقة على الوجه الذي قلتم فهو في معنى العيب بعد القبض حكماً، فإنه أقيم قبض الدار مقام قبض المنافع في حق تمام العقد فيشترط فيه القضاء أو الرضا.
إذا حدث في العين المستأجر عيب لا يوجب خللاً في المنافع، لم يكن للمستأجر أن يفسخ العقد وذلك نحو العبد المستأجر للخدمة إذا ذهبت إحدى عينيه، وذلك لا يضر بالخدمة أو سقط شعره أو سقط حائط من الدار لا ينتفع به في سكناها؛ وهذا لأن المعقود عليه في الإجارة المنفعة فإذا لم يتمكن الخلل في المنافع كان المعقود عليه قائماً من كل وجه فلا معنى لإيراد الخيار.
وإن كان العيب يوجب خللاً في المنافع كالعبد إذا مرض والدابة إذا دبرت والدار إذا انهدمت بعض بنائها حتى أوجب نقصاناً في سكنى الباقي، كان للمستأجر أن يفسخ العقد؛ لأنه تعذر عليه استيفاء المعقود عليه على الوجه المستحق بالعقد لتمكن الخلل فيه، فإن شاء رضي بالخلل واستوفاه كذلك وإن شاء فسخ العقد، وإن شاء المؤاجر أسقط من الدار قبل فسخ المستأجر فلا خيار للمستأجر؛ لأن الخلل قد ارتفع والعقد يتجدد انتقاؤه على حسب المنافع فلم يتمكن الخلل في المعقود عليه في العقد الآتي فلا يكون له حق الفسخ.