للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كان المؤاجر غائباً فليس للمستأجر أن يفسخ؛ لأن حضور العاقدين شرط صحة الفسخ عرف ذلك في كتاب البيوع ولو سقطت الدار كلها فله أن يخرج، سواء كان صاحب الدار شاهداً أو غائباً فهذا إشارة إلى أن عقد الإجارة ينفسخ بانهدام الدار، فإنه قال: فللمستأجر أن يخرج سواء كان صاحب الدار شاهداً أو غائباً ولو لم ينفسخ العقد واحتيج إلى الفسخ اشترط حضرة صاحبه، كما في المسألة المتقدمة.

وهذا فصل اختلف أصحابنا فيه، بعضهم قال: ينفسخ العقد، بانهدام الدار وانقطاع الماء عن الرحى وانقطاع الشرب عن الأرض إذا كان لا يمكنه أن يزرع، واستدل هذا القائل باللفظ الذي ذكرنا، ومنهم من قال: لا ينفسخ العقد بانهدام الدار، واستدل هذا القائل بما ذكر محمد في كتاب الصّلح، أنه إذا صالح على سكنى دار فانهدمت لم ينفسخ الصّلح.

واستدلوا أيضاً ما روى هشام عن محمّد فيمن استأجر بيتاً فانهدم ثم بناه الآخر فليس للمستأجر (٣٣ب٤) أن يمتنع ولا الآجر فهذا إشارة إلى أن العقد لا ينفسخ بانهدام الدار؛ وهذا لأن المنفعة ما فاتت من كل وجه فإن الانتفاع بالعرصة ممكن من وجه بأن ينصب خيمة فيها أو إن فاتت المنفعة من كل وجه، إلا أنها ما فاتت على سبيل التأبيد إنها فاتت على وجه يحتمل العود فأشبه إباق العبد المستأجر، وذلك لا يوجب انفساخ العقد.

ونصّ في إجارات «الأصل» في باب الرحى أن الإجارة في الرحى لا تنفسخ بانقطاع الماء عنها.

وفي «فتاوى الفضلي» : المؤاجر إذا نقض الدار المستأجرة برضا المستأجر أو بغير رضاه لا تنتقض الإجارة، لأن الأصل باق قال: وهذا بمنزلة ما لو غصب الدار المستأجرة من المستأجر، وهناك لا تنتقض الإجارة بل سقط الأجر على المستأجر مادامت الدار في يد الغاصب ومن المشايخ من قال: ينفسخ العقد بانهدام الدار ثم يعود بالبناء ومثل هذا جائز.

ألا ترى أن الشاة المبيعة إذا ماتت في يد البائع ينفسخ العقد، ثم إذا دبغ جلدها يعود العقد بعذره كذا ها هنا، فإن بنى المؤاجر الدار كلها قبل الفسخ فللمستأجر أن يفسخ العقد إن شاء هكذا ذكر في «النوادر» ، وإنه يخالف راوية هشام عن محمد في مسألة البيت.

ووجه هذه الرواية: أن التغير قائم فيها؛ لأن الدار إذا كانت جديدة تكون أبرد في بعض الأوقات وأحر في بعضها وعلى قياس هذه الرواية ينبغي أن يكون للمستأجر حق الفسخ إذا سقط بعض البناء وبناه الآخر قبل الفسخ، ويجوز أن يكون بينهما فرق فيتأمّل.

وقال محمد رحمه الله: في السفينة المستأجرة إذا أنقضت وصارت ألواحاً، ثم ركبت واعتدّت سفينة لم يجبر على تسليمها إلى المستأجر، قال محمد: ولا يشبه هذا الدار؛ لأن السفينة بعد النقض إذا اعتدت صارت سفينة أخرى، ألا ترى أن من غصب

<<  <  ج: ص:  >  >>