للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك لو استأجر لبناء حائط وحفر بئر، ولو كانا شريكين قبل ذلك في العمل يجب الأجر كله، ويكون بين الشريكين ويصير عمل أحدهما بحكم الشركة كعملهما.

وفي «الأصل» : إذا استأجر الرجل قوماً يحفرون له سرداباً إجارة جائزة، فعملوا إلا أن بعضهم عمل أكثر مما عمل الآخر كان الأجر مقسوماً بينهم على عدد الرؤوس، فرق بين هذا وبينما إذا استأجر دابتين ليحمل عليهما عشرون محتوماً من الحنطة بكذا، حتى لم يكن له أن يحمل على واحد منهما أكثر من العشرة؛ لأن العشرين أضيفت إليهما على السواء فلو حمل عليهما عشرون محتوماً إلا أنه حمل على أحدهما أكثر من العشرة، فإنه يقسم الأجر عليهما على قدر أجر مثلهما، وهاهنا قال: يقسم الأجر على عدد الرؤوس.

والفرق: أن التفاوت بين الرواة تفاوت فاحش يختلف الأجر بمثله، اعتبار التفاوت وقسمة الأجر على قيمة عملهما وأما التفاوت بين الأجراء في عمل واحد تفاوت بيسير لا يعتبره الناس فيما بينهم فسقط اعتبار التفاوت وقسم الأجر بينهم على عدد رؤوسهم إذا اشتركوا في العمل.

قال بعض مشايخنا: هذا إذا لم يكن التفاوت بين الأجراء في العمل في هذه الصورة تفاوتاً فاحشاً، أما إذا فحش التفاوت لا يقسم الأجر على عدد الرؤوس في مسألة الدابتين، وإن لم يعمل أحدهما لمرض أو عذر آخر إن لم يكن بينهم شركة، بأن لم يشتركوا في تقبل هذا العمل سقط حصة أجر المريض؛ لأنه لم يوف عمله لا بنفسه ولا نيابة؛ لأنه لم يسبق منه استعانة من أصحابه حتى يجعل ما زاد على نصيبهم من العمل بحكم الاستعانة وأفعاله، بل تجعل الزيادة واقعة لصاحب السرداب ويكون عملهم في الزيادة على نصيبه تطوعاً.

فهو نظير رجل دفع أرضه إلى آخر مزارعة فما أجر وزرع ذلك الأرض متبرعاً كان الزرع لصاحب الأرض؛ لأنه لا يمكن أن يجعل عمله للمزارع؛ لأنه لم توجد منه الاستعانة به ولم يعمل في ملكه فجعلناه واقعاً لصاحب الأرض.

وإن اشتركوا في تقبل هذا العمل يجب كل الأجر وتكون حصة المريض له؛ لأن المريض في هذه الصورة مُستعين بهم دلالة؛ لأن العادة فيما بين الناس أنهم إنما يعقدون عقد الشركة في تقبل الأعمال حتى إذا عجز واحد منهم يعينه الآخر، ولو وجدت الاستعانة صريحاً كان الجواب كما قلنا فهاهنا كذلك (٣٣أ٤) .

وفي «فتاوى أبي الليث» : صباغان أجر أحدهما آلة عمله من الآخر ثم اشتركا، فإن كانت الإجارة وقعت على كل شهر يجب الأجر في الشهر الأول ولا يجب بعد ذلك؛ لأن في الشهر الأول الشركة جرت على إجارة صحيحة معدة فلا يبطلهما، وفي الشهر الثاني الشركة سبقت الإجارة فمنعت انعقادها فلا يجب الأجر بعد ذلك، لهذا وإن أجرها عشر سنين مثلاً، فالأجر واجب عليه في ذلك كله؛ لأن الإجارة قد صحت في كل المدّة المسمّى فلا يبطلها لجريان الشركة عليها.

وعن محمد بن سلمة: أن الشركة توهن الإجارة وصورة ما نقل عنه رجل استأجر

<<  <  ج: ص:  >  >>