ذكر الحاكم الشهيد في «المنتقى» : رجل استأجر رجلاً بدرهم على أن يحلج له قطناً معلوماً وسماه فهو جائز إذا كان القطن عنده، وكذلك إذا قال قصر لي مائة ثوب مروي جاز إذا كانت الثياب عنده، فالأصل أن الاستئجار على عمل في محل هو عنده جائز والإستئجار على عمل في محل ليس عنده لا يجوز، كما لا يجوز بيع ما ليس عنده قال: وهو بالخيار إذا رأى الثياب ولا خيار له في مسألة القطن، وهو بناء على الأصل الذي قلنا.
وفي «نوادر هشام» عن محمد: رجل استأجر غلاماً سنة بدار له فاستعمل الغلام ومضت السنة ونظر آجر الغلام إلى الدار ولم يكن رآها فقال لا حاجة لي فيها، قال: له ذلك وله أجر مثل غلامه وفي المسألة نوع إشكال.
ووجهه: أن بالرد بخيار الروية ينفسخ العقد من الأصل وتصير المنافع مستوفاة بلا عقد، فكيف يتقوم والجواب أن الانفساخ لا يظهر في حق المستوفى أو نقول المنافع كما تقوم بالعقد تقوم بالشرط وبالرد بخيار الرؤية لا يتبين أن الشرط لم يكن ويثبت خيار العيب في الإجارة، كما في البيع إلا أن في الإجارة ينفرد المستأجر بالرد قبل القبض وبعد القبض وفي البيع ينفرد المشترى بالرد قبل القبض وبعد القبض يحتاج إلى القضاء أو الرضا.
وروى إبراهيم عن محمد رجل آجر من آخر داراً أشهراً مسماة ببدل معلوم على أنه بالخيار فيها شهر ودفعها إلى المستأجر فسكنها المستأجر قبل إجازة رب الدار الإجارة فلا أجر عليه فيما سكن، وإنما يجب عليه الأجر فيما يسكن بعد إجازة المالك، وجعل الخيار للإجارة كالمعدوم في حق الحكم، كما في باب البيع.
وعن إبراهيم عن محمد أيضاً رجل قال لغيره: استأجرتك اليوم على أن تنقل هذا الليل إلى موضع كذا، وذلك لا ينقل إلا في أيام كثيرة، قال: هذا على اليوم ولا يكون على العمل.
والأصل: أن المستأجر متى جمع بين العمل وبين الإضافة إلى الزمان في العقد، ومثل ذلك العمل بما لا يقدر الأجير على تحصيله في ذلك الزمان، كان العقد على الزمان، وكان استحقاق الأجر معلقاً بتسليم النفس في ذلك الزمان؛ لأن الإجارة نوع بيع فيراعى له كون المبيع مقدوراً عليه.
وفي «النوازل» : إذا قال لآخر: أجرتك هذه الدار كل شهر بدرهم على أن أهب لك أجر شهر رمضان، أو قال على أن لا أجر عليك في شهر رمضان، فهذه إجارة فاسدة.
وفيه أيضاً: أجّر حمّاماً سنة ببدل معلوم على أن يحط عنه أجر شهرين للتعطيل، فالإجارة فاسدة؛ لأن هذا شرط بغير مقتضى العقد؛ لأن مقتضاه لا يلزمه أجرة أيام التعطيل شهراً كان أو أكثر أو أقل فتحكمه بحط أجرة شهرين يخالف مقتضى العقد، حتى لو قال: على أن مقدار ما كان معطلاً فلا أجر عليه فيه يجوز لك هذا، يوافق مقتضى العقد ويقرره. وهو نظير ما قال في «الجامع الصغير» إذا اشترى زيتاً على أن يحط عنه