للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكره للمسلم أن يؤاجر نفسه من الكافر للخدمة، ويجوز إذا فعل، أما الجواز فلما مرّ وأما الكراهة؛ لأنه استذلال صورة فإن لم يكن استذلالاً معنى، وليس للكافر استذلال المسلم صورة.

«وفي فتاوي الفضلي» : لا تجوز إجارة المسلم نفسه من النصراني للخدمة، وفيما سوى الخدمة يجوز والأجير في سعة من ذلك ما لم يكن في ذلك إذلال.

وإذا استأجر الرجل عبداً ليخدمه كل شهر بأجر مسمى فله أن يستخدمه من السحر إلى ما بعد العشاء الآخرة، والقياس أن يكون له استخدامه بالليل والنهار الشهر كله؛ لأن الشهر اسم لثلاثين يوماً وليلة إلا أن ما بعد العشاء الآخرة إلى السحر صار مستثنى عن الإجارة عرفاً، فإن العرف فيما بين الناس أنهم لا يستخدمون المماليك بعد العشاء الآخرة إلى السحر؛ لأنهم ينامون والمستثنى عرفاً كالمستثنى شرطاً.

وإذا استأجر الرجل عبداً شهرين شهراً بخمسة وشهراً بستة، كان الشهر الأول بخمسة، والشهر الثاني بستة؛ لأن قوله: آجرتك شهراً بخمسة بمنزلة قوله: أجرتك هذا الشهر؛ لأن الإجارة شهراً تنصرف إلى الشهر الذي يلي العقد فصار كأنه قال: آجرتك هذا العبد في هذا الشهر بخمسة، وفي الشهر الثاني بستة.

وإذا استأجر عبداً بالكوفة يستخدمه ولم يعين مكاناً للخدمة، كان له أن يستخدمه بالكوفة وليس له أن يستخدمه خارج الكوفة؛ لأن الاستخدام بالكوفة ثابت بدلالة الحال فيعتبر بما لو ثبت نصاً.

بيانه: أن المستأجر له حمل ومؤنة فالظاهر من حال صاحب العبد، أنه يريد الاستخدام في مكان العقد حتى لا يلزمه مؤنة الردود بما يرى ذلك على الأجر فيتعين موضع العقد مكاناً للاستيفاء بدلالة الحال من هذا الوجه، فإن سافر بها ضمن (٢٥أ٤) لأن كونه تعين مكاناً للاستيفاء بدلالة الحال فيعتبر بما لو تعين بالنص وهناك لو سافر بالعبد يضمن كذا هاهنا، هكذا ذكر محمد رحمه الله في إجارات «الأصل» وذكر في صلح «الأصل» أن من ادعى داراً وصالحه المدعى عليه على خدمة عبده سنة إن له أن يخرج بالعبد إلى أهله؛ لأن الإذن بالاستخدام حصل مطلقاً واعتبره بالعبد الموصى له بالخدمة.

قال الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني في «شرح كتاب الصلح» : لم يرد بقوله يخرج بالعبد إلى أهله أن يسافر به، وإنما أراد به أن يخرج به إلى أهله في القرى، وأقرّ البلد قال رحمه الله: وهذا كما قلنا في باب الإجارة من استأجر عبداً للخدمة ليس له أن يسافر به، وله أن يخرج إلى أهله في القرى وما فيه البلدة.

وكان الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رحمه الله يفرق بين مسألة الصلح وبين مسألة الإجارة وكان يقول في مسألة الصلح: لصاحب الخدمة أن يسافر بالعبد، وليس للمستأجر أن يسافر بالعبد المستأجر للخدمة.

وحكي عن الفقير أبي إسحاق الحافظ أنه كان يقول: لا رواية عن محمد في فصل الإجارة فلقائل أن يقول: للمستأجر أن يخرج بالعبد عن المصر كما في الصلح ولقائل:

<<  <  ج: ص:  >  >>