أن يفرق بينهما وقد عرنا على الرواية في «إجارات الأصل» على نحو ما كتبنا قال محمد رحمه الله: وليس للمستأجر أن يضرب الغلام لأن صاحب الغلام لم يأذن له بالضرب، إنما أذن له بالاستخدام والضرب ليس من الاستخدام في شيء، ولا ضرورة إليه أيضاً؛ لأنه يمكن استخراج الخدمة من العبد بدون الضرب بالملائمة فلا يصير الضرب مأذوناً فيه وخرج على هذا فصل الدابة فإن المستأجر الدابة للركوب أن يضرب الدابة لأنه لا يمكن استخراج السير من الدابة بدون الضرب فصار الضرب ثمة مأذوناً فيه أما هاهنا بخلافه.
ولو دفع المستأجر الأجر إلى العبد فإن كان العبد هو العاقد فقد برأ عن الأجر، لأنه دفع الأجر إلى العاقد وإن لم يكن عاقداً لا يبرأ وإن حصل الرد إلى من يره يد المولى من حيث الحكم، فرق بين هذا وبين المودع إذا دفع الوديعة إلى عبد المودع حيث لا يضمن.
والفرق: أن يد العبد يد المولى من حيث الحكم لا من حيث الحقيقة والأمر كان واجباً على المستأجر، فباعتبار الحكم إن كان يحصل له البراءة عنه فباعتبار الحقيقة لا تحصل فلا تحصل البراءة بالشك، أما الوديعة فلم تكن في ضمان المودع فباعتبار الحقيقة إن كان يجب الضمان، فباعتبار الحكم لا يجب فلا يجب الضمان بالشك.
وإذا استأجر الرجل عبداً للخدمة فله أن يكلفه ما هو من أنواع الخدمة؛ لأن الخدمة اسم جنس فتتناول جميع أنواعه فله أن يكلفه أن يخيط له يوماً، وأن يخبز له هكذا ذكر في «الكتاب» قالوا: وهذا إذا كان خياطة وخبزاً لا بدّ للمستأجر منه، وأما إذا أراد أن يقعده خياطاً يخيط ثياب الناس أو يقعده خبازاً يخبز للناس ليس له ذلك؛ لأن هذا تجارة واكتساب المال فلا يدخل تحت اسم الخدمة.
قال: وطعام العبد على صاحبه وليس على المستأجر من ذلك شيء؛ لأن المستحق على المستأجر المشروط عليه في العقد والطعام غير مشروط على المستأجر في العقد لا نصاً ولا عرفاً.
قال: وإذا نزل بالمستأجر ضيفان ففي العبد المستأجر أن يخدمهم؛ لأن خدمة ضيفان المستأجر من جملة خدمة المستأجر ألا ترى أنه لولا هذا العبد كان على المستأجر أن يخدمهم ديانة ومروءة قال عليه السلام:«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه أو فليخدم ضيفه» وإذا كان على المستأجر خدمة ضيفه، وإذا كان على المستأجر خدمة نفسه صار خدمة ضيفانه كخدمته.
وإن تزوج المستأجر امرأة بعد ما استأجر العبد، فعلى العبد أن يخدم المستأجر ويخدم المرأة أيضاً؛ لأن حال المرأة لا يكون أقل من حال الضيف، وعلى العبد خدمة الضيف فكان عليه خدمة المرأة من الطريق الأولى.
وفي رواية إبراهيم عن محمد: رجل أجر عبداً له سنة ثم إن العبد أقام البينة أن المولى كان أعتقه قبل الإجارة، فالأجرة للعبد؛ لأنه تبين أن المولى كان أجنبياً في هذه