الإجارة فتوقف على إجارة العبد، ونفذ بإجارته والمبدل وهو المنافع بعد العتق للعبد فكان البدل له أيضاً ولو قال العبد: إني حر، وقد فسخت الإجارة ولم يكن له بينة ودفعه القاضي إلى مولاه وأجبره المولى على العمل ثم أقام بينة أنه حر، وأن المولى أعتقه قبل الإجارة فلا أجر للعبد ولا للمولى ولو لم يقل فسخت كان الأجر للعبد، ولو كان غير بالغ فادعى العتق وقد أجره المولى وقال: قد فسخت ثم عمل، وباقي المسألة بحاله فالأجر للغلام.
قال في «الكتاب» : وهو بمنزلة لقيط في حجر رجل أجره، وفي المسألة نوع إشكال؛ لأنه تبين أن المولى كان أجنبياً عنه، وأن عقده يوقف على إجارته فينبغي أن يعمل فسخه حتى لا يكون له الأجر ثم أشار إلى الجواب، وقال: هذا بمنزلة لقيط في حجر رجل أجره.
وبيان ذلك: أن الملتقط إنما ملك إجارة اللقيط لأنه بالإجارة يجعل ما ليس بمتقوم في حقه متقوماً، وإنه نظر في حق الصغير وهذا المعنى يقتضي أن يملك المولى إجارة معتقة، إذا كان صغيراً في حجره فينفذ عقد المولى الإجارة عليه بصفة اللزوم فلا يملك فسخها بعد ذلك.
قال في «القدوري» : وإذا أجر الرجل عبده سنة فلما مضت ستة أشهر أعتقه فعتقه جائز، لأنه اعتق ملك نفسه والرقبة بعد الإجارة باقية على ملك المولى فينفذ عتقه، وكان العبد بالخيار إن شاء مضى على الإجارة وإن شاء فسخ، وهذا بناء على ما قلنا: أن عقد الإجارة ينعقد ساعة فساعة على حسب حدوثها، والمنافع بعد العتق حدث على ملك العبد، فيصير العقد في حق المنافع الحادثة بعد العتق كأنه صدر من الفضولي فتوقف على الإجازة، وإذا أجاز لم يكن له أن ينقض بعد ذلك وأجر ما مضى للسيد وما بقي للعبد لأن الأجر بدل المنافع والمنافع بعد العتق ملك العبد، ونفذ العقد عليها بإجارة العبد فكان بدلها للعبد، وليس للعبد أن يقبض الأجرة إلا بوكالة من المولى؛ لأن قبض البدل من حقوق العقد، فثبت للعاقد والعاقد هو المولى، وإن كان المولى حين أجر العبد استعجل الأجرة ثم أجاز العبد بعد العتق، فالأجرة كلها للسيد؛ لأن الأجرة تملك بالتعجيل وفي تلك الحالة المبدل على حكم ملك المولى، فصارت الأجرة مملوكة للمولى، وبالإجارة عن العبد تقرر حكم ذلك الملك فلا يتغير بالعتق.
ولو كان العبد هو الذي آجر نفسه بإذن المولى، ثم عتق بعد ما مضى مدة فله حق الفسخ، والعبد هو الذي يلي قبض الأجرة؛ لأن العقد كان منه ولو آجر المكاتب عبده، ثم عجز ورد في الرق، فالإجارة باقية في قول أبي يوسف وقال محمد: تنقض الإجارة.f
ولو استأجر عبداً ثم عجز بطلت الإجارة في القولين، ولو أجر الرجل عبداً له ثم استحق وأجاز المستحق الإجارة، فإن كانت الإجارة قبل استيفاء المنفعة جاز وكانت الأجرة للمالك لأن الإجارة في الانتهاء كالأذن في الابتداء، وإن أجاز بعد استيفاء المنفعة لم تعتبر الإجارة والأجرة للعاقد؛ لأن المنافع قد مضت وتلاشت (٢٥ب٤) .