وابتداء العقد عليها لا يجوز فلا تلحقها الإجازة؛ لأن الإجازة في معنى ابتداء العقد وإن أجاز في بعض المدة، فالأجر في الماضي والباقي للمالك في قول أبي يوسف.
وقال محمد: أجر ما مضى للغاصب وما بقي فهو للمالك.
فوجه قول أبي يوسف: أن العقد قائم فتلحقه الإجازة، ووجه قول محمد: أن العقد ينعقد ساعة فساعة، ففي حق ما مضى من منفعة العقد قد انعدم فلا تلحقه الإجازة.
وفي «فتاوى أبي الليث» : إذا أجرت المرأة دارها من زوجها وسكناها جميعاً فلا أجر لها، قال وهو بمنزلة استئجارها لتطبخ، أو تخبز، هكذا ذكر.
وقيل: في المعنى أن التسليم شرط لصحة الإجارة، ولوجوب الأجر وسكناها معه يمنع التسليم والحكم ممنوع والعلة مردودة، والقياس على استئجارها للطبخ والخبز غير صحيح؛ لأن الطبخ والخبز واستحق عليها ديانة إن لم يكن مستحقاً عليها حكماً.
أما إسكان الزوج في منزلها غير مستحق عليها إلا ديانة ولا حكماً وقوله: بأن سكناها مع الزوج يمنع التسليم.
قلنا: لا يمنع لأنها تابعة للزوج في السكنى ولو استأجر الرجل غلاماً ليخدمه فرفع الغلام شيئاً من متاع البيت، ووقع من يده على شيء آخر من متاع البيت فكسره فلا ضمان على الغلام، ولو وقع على وديعة كانت عند المستأجر وكسرها فالغلام ضامن.
ومما يتصل بهذا الفصل إجارة الصبي والاستئجار له
إذا أجر الأب أو الجد أو الوصي الصبي في عمل من الأعمال، فهو جائز؛ لأن لهؤلاء ولاية استعمال الصغير من غير عوض بطريق التهذيب والرياضة، فمع العوض أولى، ولا يجوز إجارة غيرهم إذا كان له واحد منهم؛ لأنه لا ولاية لغيرهم على الصغير حال قيام واحد منهم وإن لم يكن له واحد منهم فأجره ذو رحم محرم منه، وهو في حجره جاز بطريق التهذيب والرياضة فإن لصاحب الحجر ولاية تهذيب من في حجره، فإن كان في حجره ذو رحم محرم فأجره آخر هو أقرب كالصبي إذا كان في حجر عمه وله أم فأجرته الأم جاز في قول أبي يوسف وقال محمد: لا يجوز.
فوجه قول محمد: أن هذه الولاية في حق غير الأب والجد ووصيهما بطريق التهذيب والرياضة، وإنما تثبت ولاية التهذيب والرياضة لمن كان الصبي في حجره، ولأبي يوسف أن القرابة مؤثرة في إثبات الولاية فإذا ملكه الأبعد ملكه الأقرب من الطريق الأولى، والذي ولي الإجارة على الصغير أن يقبض الأجرة؛ لأنه من حقوق العقد فيتعلق بالعاقد وليس له أن ينفقها عليه؛ لأنها مال الصغير وليس لغير الأب والجد ووصيهما؛ ولأنه التصرف في مال الصغير، وكذلك إذا وهب للصغير شيء فللذي الصغير في حجره أن يقبضه، ولكن لا ينفق عليه لما قلنا وللأب والجد ووصيهما إجارة عبد الصبي وسائر أمواله، فأما غير ممن هؤلاء ممن الصغير في حجره لا يمكن إجارة مال الصغير؛ لأنه ليس لغير هؤلاء ولاية التصرف في مال الصغير.