للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مهر مثلها من نساء تلك القبيلة، وإنما يعتبر حالها في السن والجمال حالة التزوج.

وفي المهر حقوق ثلاثة:

حق الشرع: وهو أن لا يكون حق من عمر.

وحق الأولياء: وهو أن لا يكون أول من مهر مثلها. وحق المرأة: وهو كونه ملكاً لها، غير أن حق الشرع وحق الأولياء يعتبر وقت العقد لا في حالة البقاء، حتى لو زوجت نفسها من رجل بعشرة ثم أراد أنه عن كلها أو عن بعضها جاز، وكذلك إذا زوجت نفسها من رجل بمقدار مهر مثلها، ثم أراد أنه عن كلها أو بعضها، لا يكون للأولياء حق الاعتراض. وعن هذا قلنا: إذا تزوجها على ثوب قيمته ثمانية فلم يقبضه حتى صارت قيمته عشرة فلها الثوب ودرهمان.

ولو كانت قيمة الثوب عشرة فلم يقبضه حتى صارت قيمته ثمانية فلها الثوب لا غير؛ لأن في الوجه الثاني حق الشرع صار.... إذ قيمة الثوب وقت العقد كانت عشرة، فالانتقاص بعد ذلك لا يصير بخلاف الوجه الأول؛ لأن حق الشرع لم يصر.... لأن قيمة الثوب يوم العقد ثمانية.

وقد ذكرنا أن حق الشرع إنما تداعى وقت العقد، فروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله: أن في الثوب وما ليس من ذوات الأمثال تعتبر القيمة يوم التسليم، وفي المكيل والموزون تعتبر القيمة يوم العقد، وهذه الرواية إنما يتضح وجهها؛ إذا لم يكن الثوب معيباً في العقد، ووجه ذلك: أن القيمة أصل في التسليم ألا ترى أنه لو أجبرت على القبول، فتعتبر القيمة يوم التسليم، وأما المكيل والموزون فقد استحكم الوجوب في الذمة، وذكرها الدراهم سواء، فتعتبر القيمة يوم الوجوب.

وفي «نوادر ابن سماعة» عن محمد رحمه الله: إذ تزوج امرأة على قطعة فضة.... عشرة ولا تساوي عشرة مضروبة، جاز ولا يلزمه فضل ما بينهما.

ولو شرط تعليم القرآن مهراً لا يصح؛ لأنه ليس بمال. ولو تزوجها على أن يخدمها سنة لم يجز.

ولو تزوجها على أن يرعى غنمها سنة لم يجز على رواية الأصل. وروى ابن سماعة أنه يجوز في الرعي، وقد اختلف أصحابنا رحمهم الله في هذا؛ فمنهم من يقول: بأن المنفعة صلحت مهراً؛ لأنها متقومة بالعقد، إلا أن الزوج يمنع عن الخدمة لما فيه من الاستهانه ولا استهانة في رعي الغنم فيجوز شرطه.

ومنهم من قال بأن منفعة الحر لا تصلح مهراً، وعلى هذا الأصل قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله: إذا تزوجها على خدمته سنة فلها مهر المثل. وقال محمد رحمه الله: لها قيمة خدمته، فمحمد رحمه الله يقول: بأنّ المنفعة تصلح عوضاً في سائر العقود فتصلح عوضاً في باب النكاح أيضاً، لا أنه منع من التسليم شرعاً لما فيه من الاستهانة به مع صلاحيته مهراً فيصار إلى قيمته، كما لو تزوجها على عبد الغير ولم يجز ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>