وكذلك إذا سبقها بثنتين أو ثلاث، وإن سبقها أربع لا يظهر الفسخ في حقهن إذ لو ظهر الفسخ في حقهن لظهر أن القضاء يُحلّ هذه وبفسخ اليمين على هذه كان باطلاً؛ لأنه يظهر أن هذه خامسة، وإذا بطل في حق هذه بطل في حق الأربع أيضاً، فيبطل من حيث يصح.
وكذلك لو كانت الثانية أخت الأولى لا يظهر الفسخ في حق الأولى، هكذا حكي عن الصدر الشهيد رحمه الله، ورأيت مكتوباً بخط بعض المشايخ أن القاضي لا يفسخ اليمين على المرأة التي سبقها أربع؛ لأنه لو فسخها عليها يظهر الفسخ في حق الأربع التي سبقن فيظهر أن نكاح الأربع وقع صحيحاً، فظهر بطلان نكاح الخامسة فلأن يكون الفسخ معتداً في حق الخامسة، وكذلك لا يفسخ اليمين على الأخت الثانية على قول هذا القائل.
وإذا قال: كل امرأة أتزوجها فهي طالق، فتزوج امرأة ووقع الثلاث عليها ثم إن هذه المرأة تزوجت بزوج آخر، ولم يعلم به الزوج الأول ثم إن الزوج الأول، طلب من المرأة أن يرفعا الأمر إلى قاض يعتقد مذهب الشافعي حتى يفسخ تلك اليمين ويقضي بصحة نكاحهما ففعلا ذلك فقضى القاضي بفسخ تلك اليمين ويقضي بصحة نكاحهما هل يصح قضاؤه؟ ذكر نجم الدين رحمه الله في «فتاويه» أنه لا يصح، قال: قيام النكاح بين المرأة والزوج الثاني يمنع صحة القضاء بالنكاح للزوج الأول.
وسمعت عن الشيخ الإمام ظهير الدين الحسن بن علي رحمه الله أن هذه المسألة على وجهين: إن كان الزوج الثاني غائباً لا يصح قضاؤه؛ لأن هذا حكم بفساد نكاح الزوج الثاني والقضاء على الغائب لا يجوز. وإن كان الزوج الثاني؛ حاضراً يصح قضاؤه وبطل نكاح الثاني لأنه لما قضى ببطلان تلك اليمين ظهر أن الطلقات الثلاث لم تقع وأن الثاني تزوج بها وهي منكوحة الأول.
وإذا قال: كل امرأة أتزوجها طالق ثلاثاً، فتزوج امرأة وطلقها ثلاثاً، ثم ترافعا إلى قاض يعتقد مذهب الشافعي، فحكم ببطلان تلك اليمين هل يصح حكمه؟ فاعلم بأن هذه المسألة اختلف المشايخ فيها، أكثرهم على أن الزوج إن لم يكن دخل بها حتى طلقها ثلاثاً لا يصح حكمه لانعدام (٢٢٦ب١) دعوى صحيحة؛ لأنه لا يمكن دعوى حقوق النكاح بعد انقطاعه، وههنا انقطع النكاح بلا خلاف عندنا بالطلاق المعلق، وعند الشافعي رحمه الله بالطلاق المرسل وبدون الدعوى لا يصح الحكم.
وإن كان الزوج قد دخل بها بعد النكاح ثم طلقها ثلاثاً وادعت هي نفقة العدة الواجبة بالطلقات المرسلة بعد الدخول والزوج ينكر ذلك بناء على اعتقاده وقوع الطلاق المعلق عقيب النكاح لاعتقاده صحة اليمين. فإذا قضى ببطلان تلك اليمين ووقوع الطلاق المرسل ونفقة العدة عليها ينفذ قضاؤه؛ لأن قضاءه حصل في فصل مجتهد فيه وقد تقدمه دعوى صحيحة.
وفي «فتاوى النسفي» سئل عن حنفي قال: إن تزوجت امرأة فهي طالق ثلاثاً، فتزوج امرأة ثم ترافعا إلى قاض حنفي فبعثها إلى عالم شفعوي المذهب ليسمع خصومتهما ويقضي بينهما، فأمره بذلك فقضى ذلك العالم الشفعوي ببطلان اليمين وصحة النكاح هل