الوجه الذي جاز من حصة أجرتها، لا تفسخ الإجارة، وإذا ازداد أجر مثلها بعد مضي بعض المدة ذكر في «فتاوى أهل سمرقند» أنه لا يفسخ العقد، وذكر في «شرح الطحاوي» : أنه يفسخ العقد، ويجدد على ما ازداد. وإلى وقت الفسخ يجب المسمّى لما مضى.
ولو كانت الأرض بحال لا يمكن فسخ الإجارة فيها، بأن كان فيها زرع لم يحصد بعد، فإلى وقت الزيادة يجب المسمى بحساب ذلك، وبعد الزيادة إلى تمام السنة يجب أجر مثلها، وزيادة الأجر إنما تعرف إذا ازدادت عند الكل.f
ذكر الطحاوي هذه الجملة في كتاب المزارعة. وأما في الأملاك لا يفسخ العقد، رخص أجر المثل أو غلا باتفاق الروايات.
وإذا أستأجر من آخر داراً أو أرضاً مقاطعة مدة قصيرة سنة مثلاً، ثم إن الآجر أجرها من غيره إجارة طويلة، لاشك أن الإجارة الطويلة لا تجوز في مدة الإجارة القصيرة، لما ذكرنا أن إجارة المستأجر لا تنعقد أصلاً.
وهل يجوز فيما ورائها؟ فمن جعلها عقداً واحداً يقول: لا تجوز، ومن جعلها عقوداً متفرقة يقول: تجوز؛ لأن العقد فيما وراء المدة القصيرة مضاف، وإضافة الإجارة إلى وقت في المستقبل جائزة، فإذا انقضت المدة القصيرة تنعقد الطويلة ضرورة، وإذا باع المستأجر في الإجارة الطويلة، ثم جاء وقت الاختيار، هل ينفذ البيع؟
حكي عن الشيخ الإمام الزاهد عبد الواحد البسّتاني: إن في المسألة روايتين؛ لأن الإجارة فيما وراء الأيام المستثناة مضافة، فإذا نفذ البيع في أيام الخيار تنفسخ تلك الإجارة، وفي فسخ الإجارة المضافة روايتان على ما مرّ، بعض مشايخ زماننا قالوا: يجب أن يفتى بعدم النفاذ احترازاً عن التلبيس والاحتيال، فإنهم قد يحتالون، ويقولون: قد بعنا قبل الأيام، وانفسخت الإجارة في الأيام، ويطلبون أجرة ما مضى بعد الفسخ، وعسى يزداد على مال الإجارة، فيؤدي إلى الإضرار بالمسلمين.
وإن باع الآجر المستأجر في الإجارة الطويلة في أيام الفسخ قبل الفسخ ذكر شمس الأئمة السرخسي إن هذا الفصل يجب (٥٧ب) ٤أن يكون على الروايتين. كما لو باع قبل الفسخ؛ لأن الإجارة في المدة الثانية مضافة.
وقال الصدر الشهيد حسّام الدين: يجب أن يكون نفاذ هذا البيع باتفاق الروايات؛ لأن للآجر ولاية في الفسخ في الأيام المستثناة، والبيع دلالة الفسخ، ولا كذلك الإجارة المضافة؛ لأنه ليس للآجر ولاية الفسخ في الإجارة المضافة، فجاز أن يكون في نفاذ بيعه اختلاف الروايتين، وبه ختم
نوع آخر من هذا الفصل
قد ذكرنا أن الأيام المستثناة في الإجارة الطويلة غير داخلة تحت العقد، فلو أجر المستأجر المستأجر من غيره يبين تلك الأيام في الإجارة الثانية، أنها اليوم العاشر والحادي عشر والثاني عشر من شهر كذا، ويستثني نصاً لتبين الداخل من الأيام في العقد