من هذا العقد لإتمام ما هو مقصودهما من هذا العقد، وهو التوثيق بالمال مع حصول النفع للمستأجر، ويمكن كل واحد منهما من الفسخ قبل تمام المدة. فهو معنى قولنا: العقد واحد مقصوداً ولفظاً فإذا فسد البعض ثبت الفساد في الباقي من وجه، فيلحق بالفاسد من كل وجه احتياطاً، فإن طلبا حيلة في جواز هذه الإجارة، فالحيلة إذا كانت الدار للصغير أن يجعل مال الإجارة بتمامه للسنة الأخيرة، ويجعل بمقابلة السنين المتقدمة مالاً هو أجر مثله، أو أكثر. ثم يبرء والد الصغير المستأجر عن أجر السنين المتقدمة، ويصح إبراؤه عند أبي حنيفة ومحمد، خلافاً لأبي يوسف، وإن أراد أن يصير مجمعاً عليه يلحق به حكم الحاكم، والحيلة: إذا أستأجر الأب للصغير أن ينظر إلى أجر مثله كل سنة لهذه الدار، فيجعل مال الإجارة على اعتباره للسنين المستأجرة، ولسنين المتقدمة شيئاً قليلاً.
صورته: إذا كان مال الإجارة ألف درهم مثلاً، وأجر مثل هذه الدار كل سنة مئة، يجعل بمقابله عشرين سنة من أوائل هذه السنين شيء قليل ويجعل بمقابلة العشر سنين المستأجرة ألف إلا شيء قليل، فيجوز، ويجعل المقصود. قال الصدر الشهيد رحمه الله: والأصح عندي أنه يعتبر عقوداً في سائر الأحكام عقداً واحداً في حق تلك الأجرة بالتعجيل أو باشتراط التعجيل. وعندي لا حاجة إلى هذا التكلف، فإنه يمكن اعتبارها عقداً واحداً.
قوله: يزيد الخيار على ثلاثة أيام في عقد واحد. قلنا: نعم، يزيد الخيار على ثلاثة أيام، لكن لا في العقد فإن من جوز هذه الإجارة شرط أن يشترط الخيار في هذه الأيام الثلاثة المستثناة التي هي غير داخلة تحت العقد، كيلا يريد الخيار في الأيام المستثناة، وإنها غير داخلة في العقد، كان هذا اشتراط الخيار زيادة على ثلاثة أيام في غير أيام العقد، وإنه لا يفسد العقد بالإجماع، وكذا يمكن اعتبارها عقوداً إن اعتبرناها عقوداً.
قوله: بأن الأجرة لا تملك في الإجارة المضافة قلنا عن أصحابنا فيه روايتان على ما ذكرنا، فنأخذ بالرواية التي تملك فيها الأجرة بالتعجيل، واشتراط التعجيل. وكما تجوز الإجارة الطويلة في العقار والضياع، تجوز في الدواب والمماليك أيضاً، إذ المعنى لا يوجب الفصل. وهذا كله في الأملاك.
جئنا إلى الأوقاف. فنقول: إذا استأجر الأوقاف من المتولي مدة طويلة، فإن كان الواقف شرط أن لا يؤاجر أكثر من سنة يجب مراعاة شرطه لا محالة، ولا نفتي بجواز هذه الإجارة، وإن كان لم يشترط شيئاً، نقل عن جماعة من مشايخنا أنه لا يجوز أكثر من سنة واحدة. وقال الفقيه أبو جعفر: إنما أجوز في ثلاث سنين، ولا أجوز فيما زاد على ذلك. والصدر الشهيد الكبير هشام الدين تغمده الله بالرحمة، كان يقول: في الضياع، يفتى بالجواز في ثلاث سنين إلا إذا كانت المصلحة في عدم الجواز.
وفي غير الضياع يفتى بعدم الجواز فيما زاد على سنة واحدة، إلا إذا كانت المصلحة في الجواز، وهذا أمر مختلف باختلاف الزمان والموضع، ثم إذا استأجر على