للأول بقضاء ألقاضي فيجب رد العتق، وتعذر رده صورة فيجب رده معنى بإيجاب السعاية.
وإن كان الوارثان شهدا بذلك العبد وصية للثاني من جهة الميت إن كان قبل قضاء القاضي بالوصية الأولى قبلت شهادتهما والكلام هاهنا أظهر؛ لأن هاهنا لا يصل إليهما شيء من العبد فبعد ذلك إن ذكرا رجوعاً فالعبد للثاني خاصة، وإن لم يذكرا رجوعاً كان العبد بينهما إذا لا تنافي بين الوصيتين.
وإن شهدا بذلك بعدما قضى القاضي بالوصية الأولى إن لم يذكرا رجوعاً قبلت شهادتهما وقضي بالعبد بينهما؛ لأن هذه الشهادة لم تتضمن نقض القضاء ولا إعادة شيء من العبد إلى ملكهما ليصير في معنى البيع.
أما إعادة شيء من العبد إلى ملكهما فظاهر، وأما نقض القضاء فلأنها لا تبطل شيئاً من حق الأول بل توجب الحق للثاني، فتثبت الوصية الثانية مع بقاء الوصية الأولى بجميع العبد، وهذا لأن الوصية عقد خلافة في المال المسمى في الوصية، وكون الثاني خليفة في المال لا ينافي كون الأول خليفة ولهذا يضرب كل واحد منهما بجميع حقه ولهذا لو رد أحدهما الوصية كان العبد كله للآخر، ولما كان هكذا فقد أثبت حق الثاني مع بقاء حق الأول بينهما وقضي بالعبد بينهما لاستوائهما في سبب الاستحقاق وضيق المحل.
وإن ذكرا رجوعاً عن الوصية الأولى لا تقبل شهادتهما على الرجوع لما فيه من إبطال قضاء أمضى عليهما، وقبلت شهادتهما على الوصية الثانية إذ ليس فيه إبطال قضاء أمضى عليهما، ولو كان القاضي دفع العبد إلى الموصى له الأول بشهادة الفريق الأول، ودفع العبدين (١٤١أ٤) إلى الوارثين على وجه القسمة ثم شهد الوارثان أن الميت أوصى بهذا العبد بعينه لهذا الآخر، لا تقبل شهادتهما وإن لم يذكرا رجوعاً عن الوصية الأولى، لأن هذه الشهادة تتضمن نقض تسليم القاضي في بعض العبد، وبعض قسمته لأن القاضي قسم العبد بينهم أثلاثاً، فلو قبلت هذه الشهادة تصير القسمة أسداساً، وتسليم القاضي وقسمته قضاء منه، وكما لم تقبل شهادتهما إذا تضمنت إبطال القضاء، فكذا إذا تضمنت إبطال التسليم والقسمة.
وكذا لو أن القاضي قضى بالوصية الأولى، ثم شهد الوارثان أن الميت أعتق هذا العبد بعينه في مرضه، لا تقبل شهادتهما؛ لأنها لو قبلت تضمنت بعض القضاء بالوصية الأولى، لأن العتق الموقع أولى بالاعتبار من سائر الوصايا.
ولو أن رجلاً مات وترك ثلاثة أعبد قيمتهم على السواء لا مال له غيرهم، فشهد شاهدان أن الميت أوصى بثلث ماله لهذا الرجل الآخر، إن كانت شهادة الوارثين قبل قضاء القاضي بالوصية الأولى قبلت شهادتهما، لأن هذه الشهادة لا تتضمن نقض القضاء ولا إعادة شيء زال عن ملكهما إليهما، وإن كانت شهادتهما بعد قضاء القاضي بالوصية