للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها الولد عادة ولم يبق، فليس له أن ينفيه بعد ذلك هذه رواية أبي حنيفة، وروي عنه رواية أخرى: أنه يفوض ذلك إلى رأي القاضي، وعن أبي يوسف ومحمد: أنهما قدرا المدة الطويلة بالأربعين، فبعد الأربعين لا يصح النفي.

وأما إذا وقع فيه حكم لا يقبل النقض، بيانه فيما لو جنى هذا الولد جناية، وقضى القاضي على عاقلة الأب بالأرش لا يستطيع نفي هذا الولد؛ لأنه وقع فيه حكم لا يقبل النقض والبطلان؛ لأنا حكمنا بنسب هذا الولد من الأب لما قضينا بالأرش على عاقلته، والقضاء بالأرش على العاقلة بعدما صح لا يقبل النقض والإبطال، ومتى صار نسب الولد مقضياً به بحكم لا يقبل البطلان لا يصح نفيه بعد ذلك، ولا يمكن قطعه إلا بعد قطع ذلك الحكم، ولا يمكن قطع ذلك الحكم، فامتنع النفي والقطع.

وبيانه في مسألة أخرى وروي عن أبي يوسف رحمه الله: رجل جاءته امرأته بولد فنفاه ولم يلاعنها حتى قذفها أجنبي بالولد فحد، ثبت النسب ولا يلاعن بينهما، والمعنى ما ذكرنا، وبعدما وجد النفي لا ينتفي نسب الولد إلا باللعان، وشرائط جريان اللعان عرفت في كتاب الطلاق.

المرتبة الثانية: أم الولد، والحكم فيها: أن نسب ولدها ثبت بدون الدعوى إذا كانت بحال يحل للمولى وطؤها، أما إذا كان بحال لا يحل للمولى وطؤها لا يثبت النسب من المولى بدون الدعوى، ولا للمولى أن ينفيه إذا لم تتطاول المدة مع العلم بالولادة، ولم يقر به صريحاً ولم يقع فيه حكم لا يقبل النقض والإبطال.

وعن هذا قلنا: إذا جنى هذا الولد جناية وقضى القاضي على عاقلة المولى بالأرش، أو جنى عليه وقضى القاضي بالأرش جناية الأحرار والقصاص لا يستطيع أن ينفيه المولى بعد ذلك؛ لأنه وقع فيه حكم لا يقبل النقض والإبطال؛ لأن حكمنا بحريته بسبب أن ولده لما قضي على عاقلته الأرش إن كان جانياً، وقضى له بأرش الأحرار إن كان مجنياً عليه، والحرية مما لا يقبل النقض والإبطال، ومتى حكمنا بنسب الولد منه بحكم لا يقبل النقض والإبطال ولا يمكن نفيه؛ وقطع نسبه بعد ذلك لا يمكن قطعه إلا بعد نقض ذلك الحكم وذلك الحكم لا يبدل النقض.

ولم يذكر في ولد أم الولد ما إذا قتل لا شك أنه يكون إقراراً، فقد ذكر في عتاق «الفتاوى» : أنه لو جنى المولى بولد الأمة، فسكت يكون إقراراً لقبول التهنئة، أو لأن يكون إقرار التهنئة فيه.

ولو مات هذا الولد لا يملك المولى نفيه أما إذا ترك مالاً فلوجهين:

أحدهما: أنه صار مخلوفاً بكونه مخلوقاً من مائه بحكم لا يقبل البطلان وهو الميراث، فإنه ورث منه بالولادة، والوارثة منه بالولادة حكم بكونه مخلوقاً من مائه، والإرث لا يقبل القطع والإبطال.

والثاني: أنه وقع الاستغناء عن نفيه؛ لأن مقصود المولى من نفيه أن لا يستحق هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>