الميت، وأن الصلح وقع باطلاً، وأن حق المقر له في عين العبد باقٍ على حاله، فإذا وصل العبد إليه، يؤمر بتسليمه إلى المقر له عملاً بزعمه، أما البيع لا يتعلق بالدين المضاف إليه (٢٢١ب٤) ولهذا إذا باع شيئاً من غيره بالدين الذي له عليه، ثم ظهر أنه لا دين؛ لا يبطل البيع، فيتحول حق الموصى له المقر به من العين إلى الثمن بزعم الكل، فلهذا لا يؤمر الوارث بتسليم العين إلى المقر له متى وصل العين إليه.
رجل مات وترك ثلاثة أعبد قِيَمُهم على سواء لا مال له غيرهم، شهد شهود أن الميت أوصى بهذا العبد الأكبر لهذا الرجل؛ وجحد الوارث في ذلك، وأقر أن الميت كان أوصى بهذا العبد الأصغر لهذا الرجل الآخر؛ فلم يقض القاضي بشهادة الشهود حتى أعتق المقر له العبد المقر به نفذ عتقه؛ لأنه أعتق ملك نفسه؛ لأن الوارث أقر بالأصغر، وصح إقراره لأنه ملكه ظاهراً، ألا ترى أن الوارث لو أعتقه بنفسه صح إعتاقه، فصح إقراره به للمقر له، فملكه المقر له فنفذ عتقه.
فإن قضى القاضي بعد ذلك للمشهود له بالعبد المشهود به، يؤمر المقر له بتسليم قيمة العبد المقر به إلى الوارث؛ لأن الوارث ما أقر بالعبد الأصغر له مطلقاً إنما أقر له به وصية، وحين قضى القاضي للمشهود له بالمشهود به، فقد بطلت وصية المقر له، لأن محل الوصية الثلث، والثلث صار موضوعاً في يد المشهود له بولاية القضاء فيلزمه رد العبد الأصغر، وتعذر رده صورةً بالإعتاق، فيجب رده معنىً برد القيمة.
فإن قيل: إذا بطلت الوصية للمقر له ينبغي أن يبطل إعتاقه؛ كما لو كان الوارث أقر بوصية الأكبر لهذا الرجل، وأعتق المقر له الأكبر، ثم قضى القاضي لمدعي الأكبر بالبينة، فإنه يظهر أن العتق باطل في الأكبر، ويسلم الأكبر للمقضي له.
قلنا: في تلك المسألة قضى بعين العبد المقر به لغير المقر له، فيظهر أنه أعتق ملك الغير، وهاهنا ما قضى بعين المقر به لغير المقر له؛ لأن المقضي به العبد الأكبر دون الأصغر، إلا أنه في معنى البدل عن الأصغر؛ لأنه ما لم يسلم الأكبر للمقر لا يسلم الأصغر للمقر له، فكان في معنى البدل عنه من هذا الوجه.
واستحقاق بدل العتق لا يوجب بطلان العتق؛ لأنه لا يظهر أنه أعتق ما لا يملك؛ لأن بدل المستحق بعد القبض مملوك للقابض ملكاً فاسداً على ما عرف، فإذا لم يبطل العتق وبطلت وصيته، وعجز عن رد عين العبد وجب رد القيمة.
فإن قيل: القيمة لو وجبت وجبت للوارث، وفي زعم الوارث أنه أعتق نفسه، وأنه لا قيمة عليه.
قلنا: القاضي لما قضى للمشهود له بالمشهود به وصية، فقد كذب الوارث فيما زعم، فالتحق زعمه بالعدم؛ ألا ترى أن المشتري عند الاستحقاق يرجع بالثمن على البائع، وإن كان في زعم المشتري أن المشترى ملك البائع؛ إلا أن القاضي لما قضى بالملك للمستحق، فقد كذب المشتري في زعمه، فالتحق زعمه بالعدم كذا هاهنا.
ولو أن المقر له لم يعتق العبد المقر به حتى قضى القاضي بالعبد المشهود به