التي جاءت فيها الغلة شرك الأولاد في الغلة؛ لأن المتوفى عنها زوجها إذا جاءت بولد ما بينها وبين سنتين وقت الوفاة يثبت النسب على ما عرف في كتاب الطلاق فإن عاش بعد إدراك الغلة من الوقت ما يمكنه الوصول إلى أهله فمات فجاءت امرأته بولد ما بينها وبين سنتين من وقت إدراك الغلة لاحق لهذا الولد في هذه الغلة لعلمها بوجوده حين مجيء الغلة، ولو كان الموت قبل مجيء الغلة بيوم أو بيومين ثم جاءت بولد ما بينها و (بين) سنتين من وقت الموت كان لهذا الولد حصته، في هذه الغلة؛ لأن الموت لو كان وقت مجيء الغلة كان للولد حصته فإذا كان قبله أولى؛ لأنه أدلُّ على وجود الولد عند الغلة، وكان النسب ثابتاً فلهذا يستحق.
ولو قال: أرضي صدقة موقوفة على ولدي الذين يسكنون البصرة، فالغلة لساكني البصرة من ولده دون غيرهم فيثبت الاستحقاق لولده بصفة أن يكون ساكن البصرة، فتعلق الاستحقاق بالولادة وسكنى البصرة جميعاً، ويعتبر ساكني البصرة يوم وجود الغلة على ما مر من ولده، ولو قال: أرضي صدقه موقوفة على ولدي العور والعميان، فالوقف لهم خاصة دون غيرهم؛ لأنه علق الاستحقاق بصفة العور وصفة العمى فيتعلق بهما. ويعتبر العور والعميان من ولده يوم الوقف لا يوم الغلة.
وكذلك إذا قال: أرضي صدقة موقوفة على أصاغر ولدي، يعني ولدي الصغار، فالوقف للصغار دون الكبار، ويعتبر الاستحقاق من كان صغيراً وقت الوقف لا وقت الغلة، وأما العور والعميان فلأن العور والعمى وصف لازم لا يزول، وقد ذكره لزيادة التعريف، فجرى مجرى اسم العلم، ولو ذكر باسم العلم بأن قال: أرضي صدقة موقوفة على فلان ولدي اختص فلان بالاستحقاق من جملة أولاده، فلو ولد بعد ذلك له ولد آخر وسماه بذلك الاسم لم يشارك الثاني الأول في الاستحقاق، فكذلك في العور والعمى. وأما الصغر، وإن كان مما يزول بالكبر ولكنه يزول زوالاً لا يعود بخلاف الفقراء وساكني البصرة؛ لأن الفقر يزول عن الإنسان ويعود، فتارة يستغني، فلم يكن الثبوت تاماً ولا الزوال. وكذلك السكنى.
فصار الحاصل أن الاستحقاق إذا كان ثابتاً بصفة لا تزول أو تزول ولكنها لا تعود بعد الزوال، يعتبر في الاستحقاق قيام تلك الصفة وقت مجي الغلة، فعلى هذا الأصل يدور جنس هذه المسائل.
إذا قال: أرضي صدقة موقوفة على ولد فلان، وليس لفلان ولد لصلبه وله ولد الولد يريد به ولد الابن كانت لولد الابن. ولو كان لفلان ولد لصلبه وولد الولد فلا شيء لولد الولد. وكذلك هذا في ولد الواقف وولد ولده، وهذا؛ لأن اسم الولد عند الاطلاق يتناول ولد الصلب ولا يتناول ولد الولد؛ لأن المطلق من الأسامي يتناول المطلق من المسميات، وولد الانسان مطلقاً ولد لصلبه؛ لأنه يولد منه بلا واسطة، أما ولد الولد يولد منه بواسطة فكان ولداً مقيداً. والمقيد لا يدخل تحت المطلق إلا لدليل، ففيما إذا لم يكن له ولد لصلبه وجد دليل، وهو صيانة تصرفه؛ لأنه إذا لم يكن له ولد لصلبه لو لم يحمل