فإن قيل: هذا المعنى ليس بصحيح فإن بنفس السجود يقع الحنث وإن لم يرفع رأسه، قلنا: لا رواية في هذا الفصل عن أصحابنا رحمهم الله، وقد اختلف المشايخ رحمهم الله فيه بعضهم قالوا: لا بدّ للحنث من رفع الرأس من السجود ليصير إتياناً بالقعود، فيصير إتياناً بجميع أفعال الصلاة. وقال بعضهم: لا يشترط رفع الرأس؛ لأن الساجد ساجد وقاعد والسجود سجدة وقعدة، ولكن بصفة أخرى. فقد اتفق المشايخ على اشتراط القعدة، وإن اختلفوا في كيفيته.
ولو كان حلف أن لا يصلي ولم يقل صلاة فإنما يحنث إذا قيّد الركعة، حتى إنه إذا افتتح الصلاة وركع ولم يسجد لا يحنثُ في يمينه؛ لأن ما دون ... ... ولهذا لا يقال: صلى قياماً صلى ركوعاً صلى سجوداً هذه الجملة من «الجامع» .
وفي «نوادر ابن سماعة» عن أبي يوسف رحمه الله إذا قال الرجل لعبده: إن صليت ركعة فأنت حر فصلى ركعة بسجود ثم تكلم قال: لا يعتق، لأنها ليست بصلاة، وإن صلى ركعتين وقعد مقدار التشهد عتق بتمام الركعة، وهكذا ذكر القدوري في «شرحه» . فأبو يوسف لم يجعل الركعة بانفرادها صلاة، وتبين برواية ابن سماعة أن المذكور في «الجامع» قول محمد رحمه الله.
وفي «المنتقى» : إذا حلف لا يصلي خلف فلان فأم فلان وقام الحالف عن يمينيه فهو حانث إن لم يكن له نية، وإن نوى أن يكون خلفه لم يدين في القضاء. وفي «نوادر بشر» عن أبي يوسف: رجل قال: والله لا أصلي معك فصليا خلف إمام لم يحنث إلا أن يكون نوى أن يصلي معه ليس معهما غيره، وإذا حلف لا يصلي صلاة فصلى ركعتين ولم يقعد قدر التشهد فقد قيل: يحنث في يمينهِ، وقد قيل: لا يحنث، لأن المنفي فعل الصلاة وكون المفعول صلاة ومطلق الاسم ينصرف إلى الكامل، والركعتان بدون القعدة ليست بصلاة كاملة على ما ذكرنا في الركعة الواحدة. وقيل: إن عقد يمينه على فعل لا يحنث في يمينهِ، وإن عقد يمينه على الفرض وهي من ذوات المثنى فكذلك، وإن عقد يمينه على الفرض وهي من ذوات الأربع يحنث في يمينه، وهو الأظهر والأشهر.
ولو حلف لا يصلي فقام وركع وسجد ولم يقرأ فقد قيل: لا يحنث، وقد قيل يحنث. وهكذا ذكر في «المنتقى» .
ولو حلف لا يصلي الظهر لم يحنث حتى يتشهد بعد الأربع، وكذلك إذا حلف لا يصلي الفجر لم يحنث حتى يتشهد بعد الركعتين، وكذلك إذا حلف لا يصلي المغرب لم يحنث (إلا) بتشهد بعد الثلث. وفي «نوادر ابن سماعة» عن محمد رحمه الله في رجل قال: والله ما صليت اليوم صلاة يعني بجماعة، وإن الصلاة بغير جماعة ليست بصلاة كانت بنية على هذا، قال: يسعه فيما بينهم وبين الله تعالى، وكذلك إذا قال: ما صليت اليوم ظهراً يعني ظهر أمس، أو أول من أمس فإنه يسعهُ فيما بينه وبين الله تعالى، ولو قال: والله ما