ولكن ادعى رجلان داراً أو عبداً أو عرضاً من العروض في يدي ورثة الميت أن الميت غصبه ذلك، وشهد لهما شاهدان بذلك، ثم شهد المشهود لهما للشاهدين على الميت بدين ألف درهم فإن الشهادة كلها جائزة، كذا ذكره الخصاف رحمه الله، وهذا يجب أن يكون على الروايات كلها؛ لأن تهمة الشركة لا تتأتى ههنا، وكذلك لو لم يدعيا الغصب ولكن ادعيا الشراء من الميت ونقد الثمن، كان الجواب كما قلنا في دعوى الغصب؛ لأن ما باعه الميت في حياته لا يكون تركة له، فلا يتعلق حق الغرماء بذلك العين فلا تتأتى تهمة الشركة، وهذا يجب أن يكون على الروايات كلها، وكذلك إذا ادعى أحد الفريقين عيناً وادعى الفريق الآخر عيناً آخر تقبل شهادتهم، وهذا أيضاً يجب أن يكون على الروايات كلها، وكذلك إذا ادعى أحد الفريقين الوصية بعد تعيينه، وادعى الفريق الآخر الوصية بعين آخر قبلت شهادتهم بالاتفاق، ولو ادعى أحدهما الوصية بالثلث وادعى الآخر الوصية بعد بعينه أو بعين آخر لا تقبل شهادة الفريقين؛ لأن صاحب الثلث يشارك الآخر في العبد فيتمكن تهمة الشركة وفي المسألة إشكال، وكذلك لو ادعى أحدهما الوصية بالثلث وادعى الآخر الوصية بالسدس لا تقبل شهادة الفريقين؛ لان تهمة الشركة تتأتى ههنا، وفي كل موضع لا تقبل شهادة الفريقين لا تقبل شهادة ابنيهما وأبويهما ونسوتهما مع رجل آخر، وفي كل موضع تقبل شهادتهما تقبل شهادة ابنيهما وأبويهما وامرأتيهما مع رجل، وعن أبي يوسف رحمه الله أنه إذا وقعت الشركة في المشهود به لا تقبل شهادتهما، وإذا لم يقع في المشهود به شركة، فإن كان القاضي يعرفهما بالعدالة قبلت شهادتهما (١٣٥ب٤) .
وإن لم يعرفهما بالعدالة أو شك في أمرهما، لا تقبل شهادتهما، لأن كل فريق يجر النفع إلى الآخر فيتمكن تهمة المواضعة، فيتفحص القاضي من حالهما ولا تقبل شهادتهما حتى يظهر عنده عدالتهما، وهو نظير ما روي عن أبي يوسف رحمه الله فيمن ادعى عيناً في يدي إنسان فقال ذو اليد: إنه لفلان أودعنيه، وأقام البينة على ذلك لا تندفع عنه الخصومة إن كان معروفاً بالحيل والأباطيل، وإن كان معروفاً، بالعدالة والأمانة، تندفع عنه الخصومة، فما روي عنه هاهنا مستقيم على أصله، ولو شهد أحد الفريقين لصاحبه بالدراهم، وشهد الآخر بالدنانير، تقبل شهادة الفريقين، ذكره في «البقالي» .
وفي «المنتقى» رجل في يديه دار مات فجاء أربعة رجال وادعى رجلان منهم نصف الدار شائعاً أنهما اشترياه من الميت، وشهد لهما الآخران بذلك ثم ادعى الآخران أنهما اشتريا النصف الباقي من الميت، وشهد لهما المدعيان الأوليان، فإن شهادتهم باطلة؛ لأنهم يصيرون شريك في الدار، وكذلك إذا كان القاضي قد قضى للأولين ثم ادعى الآخران وشهد لهما الأولان، فإني أبطل القضاء كله، وإن كانت الشهادة على نصف دار مقسومة لهذين، وعلى نصف دار مقسومة لهذين فإن كان لكل نصف باب على حده وطريق على حده فالشهادتان جائزتان، وإن كان بابهم واحداً وطريقهم واحداً أبطلت