وفي «أدب القاضي» للخصاف: إذا كان القاضي من أهل البغي لا تنفذ قضاياه، وأشار في كتاب الأقضية إلى أنه تنفذ قضاياه، فإنه قال: هو بمنزلة فساق أهل العدل، وقد ذكرنا أن الفاسق يصلح قاضياً على أصح الأقاويل، وفي «واقعات الناطفي» الإمام إذا لم يكن عادلاً فأحكامه جائزة، فإن كثيراً من العلماء تقلدوا الأعمال والقضاء من معاوية مع أنه كان جائراً وكان في الصحابة من هو أفضل منه.
وفي «فتاوى أهل سمرقند» ،: إذا كان الأمير الذي يولى القضاء جائراً لم يجز حكمه ويجوز حكم قضاته وسيأتي عن أبي يوسف رحمه الله ما يؤكد هذا القول، والصواب ما ذكر في «واقعات الناطقي» أن حكم الإمام جائز، وإن كان جائراً السلطان إذا قضى بين اثنين.g
ذكر في «شهادات فتاوي أبي الليث» رحمه الله: قول بعض المشايخ: أنه لا يجوز، وذكر الخصاف في «أدب القاضي» أنه يجوز، ومسألة الواقعات التي مرت تشهد لقول الخصاف، والصحيح ما ذكر الخصاف، لأن القاضي استفاد الولاية من جهة السلطان وتقلد القضاء منه، فمن المحال أن ينفذ من القاضي ولا ينفذ من السلطان.
وفي «المنتقى» عن أبي يوسف: الأمير إذا كان يولى القضاء من قبله، فيقضي ذلك الأمير، أو كتب إلى القاضي فهو جائز إذا كان عدلاً، وإذا كان جائراً فلا، فهذه الرواية عن أبي يوسف رحمه الله تؤكد ما ذكر الخصاف من نفاذ قضاء الأمير، ويؤكد ما ذكر في «فتاوى أهل سمرقند» من عدم جواز حكم الأمير إذا كان جائراً، وإذا كان القاضي من قبل الخليفة لا من قبل الأمير، فليس للأمير أن يقضي، ولو قضى لا ينفذ قضاؤه.
قال هشام رحمه الله سمعت أبا يوسف رحمه الله يقول: إذا كان القاضي من الأصل يعني من الخليفة ثم مات، فليس للأمير أن يولي قاضياً، وإن كان أمير عشرها وخراجها؛ لأنه قد عزل عنه الحكم، حيث كان القاضي من الأصل، وإن حكم هذا الأمير لم يجز حكمه وكذلك إن ولي هذا الأمير قاضياً من قبله لم يجز حكمه، وإن جاء هذا القاضي الذي ولاه هذا الأمير كتاب الخليفة إليه من الأصل لا يكون ذلك إمضاء للقضاء، وإذا كان للقاضي خصومة على إنسان، أو كان لغيره عليه خصومة، فترافعا إلى خليفة هذا القاضي، فقضى للقاضي أو عليه، اختلف المشايخ فيه.
قال بعضهم: لا يجوز، وقال بعضهم: يجوز، وجه هذا القول أن خليفة القاضي ليس بنائب عن القاضي، ليصير حكم الخليفة كحكم القاضي بل هو نائب عن الله، أو عن جماعة المسلمين، ألا ترى أنه لا ينعزل بموت القاضي؟ فيجوز حكمه له وعليه.
وقد صح أن علياً رضى الله عنه قلد شريحاً رضى الله عنه، وخاصم عنده في حادثة، وذكر الخصاف في «أدب القاضي» لو أن قاضياً قضى للإمام الذي ولاه بقضية، أو قضى عليه جائز ذلك، وكذلك لو قضى لولد الإمام أو والده أو زوجته، وكذلك قاضي القضاء لو خوصم إلى قاضي ولاه، فقضى له أو عليه جاز، وكذلك لو أن الإمام ولى قاضياً على مثل خراسان والمروان، فولى قضاة على الكور، ففعل ثم خاصم القاضي إلى