الحلواني رحمه الله في «شرحه» أنه يجوز، وينصرف إلى المعتاد، وهذا القول أشبه بمسألة المحمل والراحلة.
وقال محمد رحمه الله في كتاب الإجارات: إذا استأجر دابة يطحن عليها كل شهر بعشرة دراهم، ولم يسم كم يطحن عليها كل يوم جاز؛ لأنه بين جنس العمل إلا أنه لم يبين مقداره، وبيان جنس العمل يكفي لجواز الإجارة، وله أن يطحن عليها مقدار ما تحمل الدابة وتطيق وما يطحن مثلها قدراً في العرف.
قال: وهو نظير ما لو استأجرها ليحمل عليها جاز، وله أن يحمل عليها قدر ما تحتمل، قال: رجل استأجر داراً أو بيتاً ولم يسم الذي يريدها له القياس أن تفسد الإجارة، وفي الاستحسان لا تفسد.
وجه القياس: أن المقصود من الدار والبيت الانتفاع، ووجوه الانتفاعات مختلفة متفاوتة وقد يكون من حيث السكنى ووضع الأمتعة، وقد يكون من حيث الحدادة والقصارة، فإنه ما لم يبين شيئاً من ذلك، كما لو استأجر دابة للحمل، ولم يبين ما يحمل عليها، أو استأجر للركوب، ولم يبين من يركب.
وجه الاستحسان: أن المعقود عليه معلوم عرفاً وهو السكنى؛ لأن البيت عرفاً يبنى ويؤاجر للسكنى فانصرف مطلق العقد إليه لما عرف أن المعلوم عرفاً كالمعلوم شرطاً، فكأنه استأجر داراً أو بيتاً للسكنى، ولو صرح بذلك أليس أنه يجوز وإن لم يبين من يسكن؛ لأن السكنى مما لا يقع فيه التفاوت بين ساكن وساكن.
بخلاف ما إذا استأجر دابة للحمل أو الركوب، ولم يبين ماذا يحمل، ومن يركب؛ لأن حمل بعض الأشياء، وركوب بعض الأشخاص غير معلوم عرفاً لينصرف مطلق العقد إليه، بل الكل متعارف والحمل والركوب ما يقع فيه التفاوت، فما لم يبين لا يصير المعقود عليه معلوماً، فلا يحكم بجواز الإجارة.
وإذا دفع الرجل الحر إلى سمسار درهماً وأمره أن يشتري له كذا وكذا على أن يكون الدرهم المدفوع إليه، أو دفع إليه ثوباً، وأمره أن يبيعه ويكون هذا الدرهم له أو استأجر الرجل ليبيع له أو يشتري فهذا فاسد؛ لأن البيع والشراء قد يتمان بكلمة واحدة، وقد يتمان بكلمات، فكان المعقود عليه مجهولاً، والجملة في ذلك من وجهين:
أحدهما: أن يستأجره يوماً إلى الليل بأجر معلوم ليبيع له ويشتري؛ لأن المعقود عليه في هذه الصورة المنفعة، ولهذا يستحق الأجر متى سلم نفسه، وقد صارت المنفعة معلومة ببيان الوقت.
الثانية: أن يأمره أن يبيع ويشتري ولا يشترط شيئاً، فيكون معيناً له ثم يعوضه بعد الفراغ من العمل بمثل ذلك الأجر؛ لأن هذا استعانة ابتداء إجارة انتهاء؛ ولهذا قال مشايخنا: يجبر على إعطاء العوض إذا امتنع، ثم في السمسار وجميع ما كان فاسداً من