للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك إذا باع واشترى فله أجر المثل لا يجاوز به المسمى، كما في سائر الإجارات الفاسدة، ويطيب له ذلك؛ لأنه بدل عمله فيطيب له كما تطيب قيمة المبيع للبائع في البيع الفاسد عند عجز المشتري عن رد العين؛ لأنه بدل ملكه، لكن يأثم بمباشرته هذا العقد؛ لأنه معصية.

وإذا استأجر نهراً يابساً ليجري فيه الماء إلى أرض له أو إلى رحاً ما له أو ليستأجر مسيل ماء ليسيل فيه ماء ميزابه، أو استأجر ميزاباً ليسيل فيه غسالته أو بالوعته ليصيب فيها بوله والنجاسات لا يجوز؛ لأن المعقود عليه مجهول، أما في الفصل الأول؛ فلأنه لا يمكنه إجراء الماء في كل النهر؛ لأن النهر لا يستمسك ذلك، فلا بد من أن ينقص شيئاً وقدر ما ينقص مجهول فيصير الباقي مجهولاً، وجهالة المعقود عليه توجب فساد العقد، إذا لم يكن للناس فيه تعامل، خرج على هذا الدخول في الحمام بأجر حيث يجوز مع جهالة المعقود عليه؛ لأن للناس فيه تعاملز

وأما فيما عدا ذلك من الفصول؛ فلأن ما يسيل فيه من الماء والبول قد يقل وقد يكثر، قال الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني: الحرف المعتمد في جنس هذه المسائل أن الإجارات جوزت بخلاف القياس لحاجة الناس، وهذه ليست من إجارات الناس فيعمل فيها بالقياس وروي عن محمد إذا استأجر موضع أرض معروف ليسيل ماؤه فهو جائز، كأنه ذهب إلى أن المانع من جواز العقد الجهالة؛ لأنه لا يدري كم يأخذ الماء من النهر ومن السطح، فإذا عين الموضع جاز.

ولو استأجر ميزاباً ليركبه في داره جاز، ولو استأجره وهو في الحائط ليسيل الماء فيه لم يجز لما قلنا.

وإذا استأجر (٢٧ب٤) موضعاً من حائط ليضع عليه جذعاً، أو استأجر موضع كوة من الحائط بنقبها ليدخل عليه منها الضوء والريح، أو استأجر حائطاً ليبني عليه ستره، أو استأجر موضع وتد في الحائط ليعلق به الأشياء أو استأجر موضع ميزاب في حائط لا يجوز.

بعض مشايخنا قالوا: إنما لا يجوز إذا لم يبين موضع البناء والجذع والكوة والوتد حتى يكون المعقود عليه مجهولاً، أما إذا بين ذلك يجوز، ومنهم من قال: إنما لا يجوز إذا لم يبين مقدار الجذع والكوة والوتد حتى لا يجوز لمكان الجهالة، أما إذا بين جاز، ومنهم من قال: لا يجوز على كل حال، وإطلاق لفظ الكتاب يدل عليه، والمعنى ما ذكرنا أنه ليس من إجارات الناس.

وإذا استأجر موضعاً معلوماً من الأرض لينبذ فيها الأوتاد يصلح بها الغزل كي ينسج جاز؛ لأنه من إجارات الناس، ولو استأجر حائطاً ليدق فيها الأوتاد ليصلح عليها الإبريسم به شعراً أو ديباجاً لا يجوز، كذا ذكره بعض مشايخنا؛ لأن هذا من إجارات الناس، وفي عرف ديارنا ينبغي أن يجوز؛ لأن الناس تعاملوا ذلك في الفصلين جميعاً.

وإذا تكارى دابة إلى بغداد على أنه إن بلّغه إليها فله رضاه يعني ما يرضى من

<<  <  ج: ص:  >  >>