للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأجر، فالإجارة فاسدة لجهالة البدل، وكذلك إذا استأجرها بحكمة أو بحكم صاحب الدابة.

فإن قيل: جهالة البدل إنما يوجب فساد الإجارة إذا لم يكن الخيار مشروطاً لصاحب البدل، فأما إذا كان مشروطاً له فلا، ألا ترى أن من قال لغيره: أجرت منك هذه الدابة إلى بغداد بهذين العبدين، على أنك بالخيار تأخذ أيهما تشاء وترد الأخر جاز، والآخر مجهول ولكن للشرط الخيار لصاحب البدل لم يمنع ذلك جواز الإجارة.

قلنا: هذا هكذا إذا كان جنس البدل معلوماً، وها هنا جنس البدل مجهول، فإن قال: رضائي عشرون لا يزاد على العشرين؛ لأن المانع لا يتقوم بدون التسمية، وقد سمى عشرون فإنما قومها بهذا القدر فلا يزاد عليه ولأنه أبرأه عن الزيادة لما قال: رضائي عشرين ونقص عن العشرين لأنه لم يشترط لصاحب البدل مع العشرين منفعة أخرى، وفي مثل هذه الإجارة تنقص عن المسمى لما بعد هذا إن شاء الله تعالى.

وكذلك إذا تكارى دابة بمثل ما يتكارى أصحابه مثل هذه الدابة معلوماً بل كان مختلفاً، بأن كان بعض أصحابه يكري مثل هذه الدابة بعشرة وبعضهم يكري بأقل من ذلك وبعضهم بأكثر من ذلك فأما إذا كان ذلك معلوماً بأن كان أصحابه يتكارون مثل هذه الدابة بعشرة لا يزيدون ولا ينقصون وقد عرف ذلك كان العقد جائزاً كما لو باع بمثل ما باع فلان، وكان ذلك معلوماً وقت العقد، أو علم في مجلس العقد وهناك البيع جائز هكذا هاهنا، وإن كان ذلك مختلفاً فعليه وسط من ذلك، يريد به أن أجر مثل هذه الدابة يختلف باختلاف الأحوال قد تكون عشرة، وقد تكون بأكثر من عشرة، وقد تكون أقل من عشرة فعليه الوسط من ذلك نظراً من الجانبين ومراعاة كلا الطرفين.

نوع آخر

يفسد العقد فيه لمكان الشرط:

قال محمد رحمه الله في «الأصل» : رجل استأجر من آخر عبداً شهراً بأجر مسمى على أنه إن مرض فعليه أن يعمل بقدر الأيام التي مرض من الشهر الداخل لا تجوز هذه الإجارة؛ لأن ما شرط له من الشهر الداخل مجهول لجهالة مدة المرض في الشهر القائم.

رجل تكارى من رجل بيتاً شهراً بعشرة دراهم على أنه إن سكنه يوماً ثم خرج فعليه عشرة دراهم، كانت الإجارة فاسدة؛ لأنه شرط في العقد ما لا يقتضيه العقد، ولأحد المتعاقدين فيه منفعة.

بيانه: أنه شرط جميع بدل المعقود عليه بإزاء بعضه حال فوات الباقي قبل القبض، والعقد لا يقتضي ذلك وكان بمنزلة ما لو اشترى حنطة على أنه إن هلك شيء منها قبل القبض فعليه الثمن كله كان البيع فاسداً، وإنما كان فاسداً للمعنى الذي ذكرنا.

وإذا تكارى دابة على أن كلما ركب الأمير ركب هو معه، فهذا فاسد أيضاً لجهالة المعقود عليه؛ لأن المعقود عليه في الدابة لا يصير معلوماً، إلا بذكر المدة أو بذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>