الرواية التي تقول فيها إن المقبوض من الدراهم بحكم عقد فاسد لا يتعين للرد؛ لأن على هذه الرواية حق صاحبه المئة يكون في مئة لا بعينها وقد ظفر بحبس ذلك من مال المريض فيأخذه.
فأما على الرواية التي يقول فيها إن المقبوض من الدراهم بحكم عقد فاسد يتعين للرد على الذي أعطى المئة إن رد جميع الألف المقبوضة على ورثة المريض ويرجع عليهم ثمانية إن كانت مئة قائمة بعينها ولا شيء لصاحب المئة من الوصية هاهنا؛ لأن وصية في ضمن البيع وقد وقع البيع باطلاً فما في ضمنه يكون باطلاً أيضاً.
قال: وإن كان صاحب المئة أعطى مع المئة ثوباً أو ديناراً كان ذلك بيعاً صحيحاً على أن تكون المائة بالمائة، والباقي بإزاء الثوب أو الدينار، فإن مات المريض يجيز ورثته؛ لأنه صار بائعاً تسعمئة درهم بدينار فصار محابياً بأكثر من ثلث ماله فكان للورثة الخيار، فإن أجازوا ما صنع المريض سلم للورثة مئة دينار وسلم لصاحب المئة الألف كلها، فإن لم يجيزوا فصاحب المئة بالخيار لتغير شرطه ومقصوده، فإن شاء نقض البيع ورد الألف وأخذ مئته وديناره على إحدى الروايتين.
وعلى رواية أخرى: إن شاء نقض البيع وأمسك من الألف مئة ثمانية ورجع على ورثة المريض بديناره إن كان قائماً، وإن شاء أجاز البيع وأخذ من الألف مئة وقيمة ديناره؛ لأنه محاباة في ذلك القدر ثم يأخذ ثلث جميع مال المريض إن كان ديناره ومئته قائمةً وثلث ما بقي إن كان هالكاً.
وإذا كان للمريض إبريق فضة فيه مئة درهم وقيمتها عشرون ديناراً فباعه بمئة درهم وقيمتها عشرة دنانير فتقابضا ثم مات المريض من مرضه، وأبى الورثة أن يجيزوا ذلك فللمشتري الخيار، فإن شاء فسخ العقد ورد الإبريق وأخذ دنانيره، وإن شاء أمضى العقد وأخذ ثلثي الإبريق بثلثي المئة، ويرد ثلث الإبريق على الورثة.
والوجه في ذلك: أن يقول لا وجه إلا أن يصحح هذا العقد بأن يرد مئة أخرى حتى تصير قيمة الإبريق مئتي درهم فتبقى المحاباة؛ لأنه يصير مشترياً مئة درهم، وإنه ربا؛ إذ لا قيمة للصنعة والجودة فيما بين المتعاقدين في أموال الربا، ولا وجه إلى أن يصححه بأن يزيد في الثمن من خلاف جنس الثمن إلى تمام ثلثي الإبريق؛ لأنه في إثبات الزيادة على هذا الوجه إبطالها، لأن الزيادة تصير ثمن الإبريق، فيصير صرفاً ولم يقبض في المجلس، ولا وجه إلى أن يجوز العقد في جميع الإبريق بمائة؛ لأن فيه إبطال حق الورثة في الصنعة والجودة، ولا وجه إلى أن يفسخ العقد في الكل إذا لم يرض به المشتري لما فيه من إبطال الوصية له بقدر الثلث.g
وإذا انتفت هذه الوجوه عيّنا تجويز العقد في ثلثي المائة؛ لأنه يقع الخلاص عن الربا، ولا يبطل حق الورثة في الصنعة، ولا تبطل وصية المشتري ويحصل تنفيذ الوصية بقدر ثلث مال المريض ويسلم للورثة ثلثا مال المريض.
بيانه وهو: أن حق الورثة في ثلثي مال المريض وجميع مال المريض إبريق قيمته عشرون ديناراً ذلك ثلاثة عشر وثلث، فإذا جوزنا العقد في ثلثي الإبريق بثلثي الثمن،