للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأم تملك مباشرة عقد الولاء على الابن فيصح إقرارها به عليه، وعند محمد رحمه الله لا تملك مباشرة عقد الولاء على الابن فلا تملك الإقرار به عليه إنما فارق هذه المسألة المسألة المتقدمة على قول أبي حنيفة رحمه الله لأن موضوع هذه المسألة في أنه ليس للولد سبب معروف فلم يصير مستغنياً عن الولاء فاعتبر قولها عليه وموضوع المسألة المتقدمة في أن للولد أب معروف من العرب فصار مستغنياً بماله من النسب على الولاء فلم يعتبر قولها عند أبي حنيفة رحمه الله.

وإذا أقر الرجل فقال: أنا مولى فلان وفلان قد أعتقاني فأقر به أحدهما وأنكر الآخر فهو بمنزلة عبد بين شريكين يعتقه أحدهما، وإذا قال: أنا مولى فلان أعتقني ثم قال: لا بل أنا مولى فلان الآخر أعتقني هو وادعياه جميعاً فهو مولى الأول، وإن قال اعتقني فلان أو فلان وادعى كل واحد منهما أنه هو المعتق لا يلزم العبد شيء لأنه لو لزمه إنما يلزمه بحكم إقراره لا بدعواهما وهذا الإقرار وقع باطلاً لأنه أقر للمجهول فإن أقر لأحدهما بعينه بعد ذلك ولغيرهما فهو جائز. ويصير مولى للمقر له لأن هذا الإقرار لما وقع باطلاً صار وجوده كعدمه فكان له أن يقر بعد ذلك لمن شاء.

من مشايخنا من قال: ما ذكر في «الكتاب» أنه إذا أقر لغيرهما يجوز إقراره يجب أن يكون قولهما، أما على قول أبي حنيفة رحمه الله لا يجوز إقراره لأن الإقرار بالولاء إقرار بالنسب ومن أقر بالنسب لإنسان ثم أقر بعد ذلك بالنسب لآخر لا يصح إقراره للثاني عند أبي حنيفة رحمه الله، وإن لم يثبت النسب من الأول بأن كذبه الأول، فكذا إذا أقر بالولاء. ومنهم من قال: هذا قول الكل لأن الإقرار هاهنا وقع لمعلوم فلا يقع باطلاً لكونه واقعاً للمجهول، أما في تلك المسألة الإقرار وقع لمعلوم فلا يقع باطلاً.

وإذا أقر الرجل أنه مولى امرأة أعتقته وقالت المرأة: لم أعتقك ولكن أسلمت على يدي وواليتني فهو مولاها؛ لأنهما اتفقا على ثبوت الولاء إلا أنهما اختلفا في سببه. والاختلاف في سبب ثبوت الحق لا يمنع ثبوت الحق على ما عرف في كتاب الإقرار، فإن أراد التحويل عنها إلى غيرها ففي قياس قول أبي حنيفة رحمه الله: ليس له ذلك. وعلى قياس قولهما له ذلك، وهذا بناء فادعى عندهما الثابت ولاء الموالاة وولاء الموالاه يقبل النقل والتحويل. وعند أبي حنيفة رحمه الله الثابت ولاء العتاقة وولاء العتاقة لا يقبل النقل والتحويل، فوجه قولهما أن الولاء هاهنا يثبت بتصديق المرأة فإنما يثبت بقدر ما وجد منهما من التصديق. ولأبي حنيفة رحمه الله أن المقر يعامل في إقراره كأن ما أقر به هو حق وفي زعمه أن عليه ولاء العتاقه.

وإن أقر أنه أسلم على يديها ووالاها وقالت هي: بل أعتقتك فهو مولاها وله أن يتحول بالولاء إلى غيرها، لأن الثابت هاهنا ولاء الموالاه بلا خلاف، لأن الثابت عند تصديق المقر له مقدار ما أقر به المقر والمُقَر ولاء الموالاة وذلك لا يمنع التحول ما لم

<<  <  ج: ص:  >  >>