للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلماء اختلفوا في حرمة هذه المرأة فكان الحكم بجواز نكاحها حكماً في محلّ مجتهد فيه، والنكاح كما يذكر ويراد به الوطء يذكر ويراد به العقد بل إرادة العقد فيه أغلب في العرف، فلم يكن هذا حكماً بخلاف النصّ.

ولو قبّل أجنبيّة بشهوة أو نظر إلى فرجها بشهوة ثمَّ شبّه زوجته بابنتها لم يكن هذا مظاهراً في قول أبي حنيفة رحمه الله، ولا يشبه هذا الوطء وقال أبو يوسف رحمه الله: يكون مظاهراً (٢٨١أ١) ، وأبو حنيفة رحمه الله يقول: الحرمة بالوطء ثابتة بالنصّ كما قال أبو يوسف رحمه الله في المسألة المتقدّمة، وبالتقبيل والنظر يثبت باعتبار الإلحاق بالمنصوص عليه لكون هذه الأشياء وسيلة إلى الوطء، فكانت هذه الحرمة أضعف من تلك الحرمة بالنّظر إلى الفرج منصوص عليه قال عليه السلام: «ملعون من نظر إلى الفرج.... امرأة، وابنتها» ، فكانت هذه الحرمة نظير الحرمة الثانية بالوطء، وعلى هذا الاختلاف رجل مسّ جاريته ثمَّ قال أبوه لامرأته: أنتِ عليّ كظهر هذه الجارية.

وإن كان الرجل قد جامعها وباقي المسألة بحالها فهو مظاهر بلا خلاف، وحكم الظهار حرمة مؤقتة إلى غاية الكفارة مع بقاء أصل الملك، عرف ذلك بقوله تعالى: {الَّذِينَ يُظَهِرُونَ مِنكُمْ مّن نّسَآئِهِمْ مَّا هُنَّ أُمَّهَتِهِمْ إِنْ أُمَّهَتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِى وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} (المجادلة: ٢) وبقوله عليه السلام لسلمة بن محمد حين ظاهر من امرأته، ثمَّ واقعها قبل الكفارة «استغفر الله ولا تعد حتّى تكفّر» .

وأهل الظهار من كان من أهل التحريم والكفارة حتّى لا يصحّ ظهار الصبي والمجنون (لأنهما) ليسا من أهل التحريم كما في الطلاق، وكذلك ليسا من أهل وجوب الكفارة عليهما.

والذمي ليس من أهل وجوب الكفارة عليه إن كان من أهل التحريم؛ لأنّ الكفارة عبادة بدليل أنّها تُفادى بالصوم عبادة، والذمي ليس من أهل العبادة.

ولا تكون المرأة مظاهرة من زوجها؛ لأنّ موجب الظهار التحريم كالطلاق، والطلاق يختص بالزوج وكذا الظهار، وعن أبي يوسف رحمه الله: أنّه يلزمها الظهار كفارة؛ لأنّ المعنى في جانب الرجل تشبيه المحلّلة بالمحرّمة، وهذا المعنى موجود في جانب المرأة؛ لأنّ الحل مشترك بينهما، وقال الحسن: تلزمها كفارة اليمين؛ لأنّ هذا من المرأة بمنزلة تحريم الزوج على نفسها، وتحريم الحلال يمين، وذكر في بعض المواضع الخلاف بين أبي يوسف والحسن رحمهما الله على عكس هذا.

وإذا قال لها: أنتِ عليّ كظهر أمّي لم يكن إلا ظهاراً ونوى الطلاق، أو لم ينوِ

<<  <  ج: ص:  >  >>