للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيئاً، وأمّا إذا لم ينوِ شيئاً أو نوى الظهار فكأنّه صرح في الظهار، وأمّا إذا نوى الطلاق فلأنّ حكم الطلاق منسوخ في هذا الباب، ونيّة المنسوخ باطلة.A

ولو قال لها: أنتِ عليّ كظهر أمّي فهو مظاهر، ولو قال: كظهر ابنتك فلانة يريد به ابنتها من غيره، وإن كان دخل بامرأته فهو مظاهر، وهذا بناءً على ما عرف في كتاب النكاح أن الأمّ تحرم بمجرّد عقد البنت و (البنت) لا تحرم بمجرّد عقد الأم.

ولو قال: أنتِ عليّ كأمّي أو قال: أنتِ عليّ مثل أمّي، فإن نوى ظهاراً أو طلاقاً فهو على ما نوى؛ لأنّه ليس بصريح في الظهار ولا في الطلاق، ولكن يحتمل الظهار بأن قصد تشبيهها بالأمّ في الحرمة كذباً، ويحتمل الطلاق بأن قصد إيجاب الحرمة دون الكذب، فأيّ ذلك نوى حجب بيّنته، فإن أراد به اليد والكرامة لا تلزمه؛ لأنّ ما نواه محتمل، ومعناه: أنتِ عندي في استحقاق البرو الكرامة كأمّي، وإن لم يكن له نيّة فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله هو ليس بشيء؛ لأنّ هذا الكلام يحتمل معنى البرّ والكرامة، وهو أولى فيحمل عليه أخذاً...... وقال محمّد رحمه الله هو ظهار؛ لأنّ في التشبيه بجميع الأم تشبيه بظهارها وزيادة، ثمَّ ذاك ظهار بلا نيّة، فهذا كذلك.

وعن أبي يوسف رحمه الله أنّه قال: إذا كان في غضب فهو يمين، إن تركها أربعة أشهر ولم يقربها بانت منه بتطليقة؛ لأنّ في حمل كلامه على الطلاق حمله على الصدق، وفي حمله على الظهار حمله على الكذب، فكان الأوّل أولى، وعنه رواية أخرى: أنّه إذا كان في غضب فهو على الظهار.

وعن محمّد رحمه الله إذا قال: أنت مثل أمّي يريد به التحريم، فهو ظهار وإن لم يكن له نيّة فهو باطل، وفرق بين هذا وبينما إذا قال لها: أنتِ عليّ مثل أمّي.

وعنه أيضاً: إذا قال لها أنتِ أمّي يريد الطلاق فهو باطل؛ لأنّه كذب، وكذلك إذا قال لها: إن فعلت كذا فأنتِ أمّي يريد به التحريم ثمَّ يفعل ذلك وهو باطل، ولو قال لها: أنتِ عليّ حرام كأمّي، فإن نوى الطلاق كان طلاقاً، وإن نوى الظهار أو نوى التحريم لا غير أو لم تكن نيّة فهو ظهار؛ لأنّ معنى البرّ انتفى بقران التحريم بحرف التشبيه، فبقي احتمال الظهار والطلاق، فأيُّ ذلك ينوي صحت نيّته، وعند عدم النيّة يحمل على الظهار؛ لأنّه أدنى.

ولو قال لها: أنتِ عليّ حرام كظهر أمّي فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله: ظهار على كلّ حال، وقال أبو يوسف ومحمّد رحمهما الله: إذا نوى الطلاق أو نوى الإيلاء فهو على ما نوى؛ لأنّ لفظة التحريم يشترك فيه الإيلاء والطلاق، فأيّهما نوى صح وصار قوله: كظهر أمّي مؤكداً لما نوى، ولأبي حنيفة رحمه الله: أنّ التشبيه بظهر الأم محكم في الظهار، وقوله: أنتِ عليّ حرام يحتمل في نفسه، والجملة واحد وردّ المحتمل إلى المحكم في الكلام الواحد أولى من ردّ المحكم إلى المحتمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>