للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: في الحد الفاصل بين الأجير المشترك والخاص، وبيان أحكامهما فنقول وبالله التوفيق.

اختلف عبارة المشايخ في الحد الفاصل بينهما بعضهم قالوا:

الأجير المشترك من يستحق الأجر بالعمل لا بتسليم نفسه للعمل.

والأجير الخاص: من يستحق الأجر بتسليم النفس. وبمضي المدة، ولا يشترط العمل في حقه لاستحقاق الأجر. وبعضهم قالوا:

الأجير المشترك: من يقبل العمل من غير واحد. والأجير الخاص: من يقبل العمل من واحد.

وإنما يعرف استحقاق الأجر بالعمل على العبارة الأولى؛ بإيقاع العقد على العمل. كما لو أستأجر خياطاً ليخيط له هذا الثوب بدرهم، أو استأجر قصاراً ليقصر له هذا الثوب بدرهم. وإنما يعرف استحقاق الأجر بتسليم النفس وبمضي المدة بإيقاع العقد على المدة. كما لو استأجر إنساناً شهراً ليخدمه، والإجارة على العمل إذا كان معلوماً صحيح بدون بيان المدة، والإجارة على المدة لا تصح إلا ببيان نوع العمل وإذا جمع بين العمل وبين المدة وذكر العمل أولاً نحو: أن يستأجر راعياً مثلاً ليرعى له غنماً مسماة بدرهم شهراً يعتبر هو أجيراً مشتركاً؛ لأنه جعله أجير مشترك بأول الكلام. لأنه أوقع العقد على العمل في أول كلامه. وقوله شهراً في آخر كلامه يحتمل أن يكون لإيقاع العقد على المدة، فيصير أجير واحد، ويحتمل أن يكون تقديراً للعمل الذي أوقع (٥١أ٤) العقد عليه، فإنه لا بد من تقديره، ولا يمكننا تقديره إلا ببيان المدة في هذه الصورة، فلا يتغير أول الكلام بالاحتمال، إلا إذا صرح في آخر كلامه بما هو حكم أجير الوحد، بأن قال: على أن لا يرعى غنم غيري مع غنمي؛ لأنه بما صرح جعله أجير واحد، وبين أنه ذكر المدة لإيقاع العقد على المدة، لا لتقدير العمل المذكور في أول الشهر، وإذا كان صريحاً في جعله أجير واحد بأول الكلام؛ لأنه أوقع العقد على المدة في أول الكلام، وقوله: ليرعى هذه الأغنام محتمل بين أن يكون لإيقاع العقد على العمل، فيصير أجيراً مشتركاً، وبين أن يكون لبيان نوع العمل الذي يستحق على الأجير في المدة، فإن الإجارة على المدة لا تصح ما لم يبين نوع العمل.

فنقول: استأجرتك شهراً للخدمة أو للرعي أو للحصاد؛ لأن أنواع العمل متفاوت. وإذا كان كذلك لا يتغير حكم أول الكلام بالاحتمال، فبقي أجير واحد، إلا إذا نص في آخر كلامه بما حكم الأجير المشترك. فيقول: ويرعى غنم غيري مع غنمي، فيكون تصريحاً منه أنه جعله أجيراً مشتركاً، فيتغير به أول الكلام، ويصير أجيراً مشتركاً من هذا الوجه.

إذا عرفت الحد الفاصل بين الأجير الخاص، وبين الأجير المشترك، فنقول:

من حكم الأجر الخاص، أن ما هلك على يده من غير صنعه فلا ضمان عليه بالإجماع، وكذلك ما هلك من عمله المأذون فيه فلا ضمان عليه بالإجماع.

ومن حكم الأجير المشترك: أن ما هلك على يده من غير صنعة فلا ضمان عليه،

<<  <  ج: ص:  >  >>