للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه؛ لأنه لم يتلفه لا بمباشرة ولا تسيباً.

وفيه أيضاً استأجر حماراً لينقل عليه الحطب من الكرم، وكان ينقل عليه الحطب ويوقره كما يوقر مثله، فعدم الحمار على حائط ووقع في النهر وهلك، إن لم يعنف عليه في السوق بل ساق مثل ما يسوق الناس مثل ذلك الحمار في مثل ذلك الطريق، فلا ضمان؛ لأنه ما تلف بفعله، وإن كان بخلافه فهو ضامن.

رجل استأجر حماراً وقبضه ما رحله في كرمه وتركه، فسرقت بردعته فأصابه البرد، فمرض فرده على صاحبه فمات من ذلك المرض، إن كان الكرم حصيناً والبرد بحال لا يصير بالحمار، ولو كان عليه البردعة لا ضمان عليه؛ لأنه لم يقصر في حفظهما؛ لأنهما محفوظان البردعة محفوظة عن السارق بحصن الكرم، والحمار محفوظ عن البردعة.

وإن كان الكرم غير حصين، والبرد بحال يضر بالحمار مع البردعة، ضمن قيمتها. أما ضمان البردعة فبتضييعه وتركه الحفظ الواجب عليه، وأما ضمان الحمار؛ لأن إرساله في برد مهلك بمنزلة إلقائه في النار وذلك استهلاك، فلا يبرأ بالرد إلى المالك عن شيء من ضمانه، كما لو خرج المغصوب ثم رده إلى المالك، فمات من ذلك. بخلاف ضمان الغصب.

وإن كان البرد بحال يضر بالحمار مع البردعة والكرم حصين، فعليه قيمة الحمار دون البردعة.x

لأنه أتلف الحمار دون البردعة ولو كان الكرم غير حصين وكان البرد بحال لا يخاف التلف مع بردعته، فهو ضامن لقيمة البردعة، وعليه نقصان الحمار وقت الرد على صاحبه؛ لأنه بمنزلة الغاصب للحمار حين أرسله في الكرم، فإذا ارسله إلى صاحبه برئ من الضمان بقدر ما رد، ويقرر عليه ضمان النقصان بموت الحمار.

زرع بين ثلاثة نفر بالشركة حصدوها، فاستأجر واحد منهم حماراً لينقل عليه حرم البر فدفع الحمار إلى الشريك لينقل الحرم فعطب الحمار، وكانت معاملاتهم أنه يستأجر أحدهم البقر أو الحمار، ويستعمله هو وشريكه، لا ضمان عليه؛ لأن المعروف كالمشروط. ولو شرط أن يستعمله شريكه لا يضمن، فكذا إذا كان المعروف منهم ذلك.

قد ذكرنا قبل هذا أن الرجل إذا استقرض دراهم وسلم إلى المقرض حماره ليمسكه ويستعمله حتى يوفي له دراهم، فالحمار عند القرض بمنزلة المستأجر إجارة فاسدة، فإن سلمه المقرض إلى بقار فعقره الذنب فالمقرض ضامن قيمة الحمار؛ لأن من استأجر حماراً أو ثوراً ليس له أن يبعث إلى السرح ليعتلف، فإذا علف كان مخالفاً فيضمن.

استأجر قباناً ليزن به حملاً، وكان في عمود القبان عيب لم يعلم المستأجر، فوزن به وانكسر، فإن كان مثل ذلك الحمل يوزن بمثل ذلك القبان مع العيب فلا ضمان؛ لأنه لم يوجد منه سبب التلف، وإن كان بخلافه فهو ضامن. هكذا في «فتاوى أبي الليث» . وينبغي أن يقال: إذا لم يعلم الآجر المستأجر بالعيب، فقد أذن له في أن يزن به القدر الذي يوزن فيه بدون ذلك العيب، فإذا وزن ذلك القدر لا يجب الضمان عليه.

استأجر قدراً فلما فرغ حملها على حمار ليردها على الآجر، فزلق رجل الحمار

<<  <  ج: ص:  >  >>