للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا إذا قال: أنت بائن الغد ونوى به الطلاق ثم أبانها اليوم ثم جاء الغد يقع عليها تطليقة بالشرط عندنا.

قال مشايخنا رحمهم الله: وينبغي على قياس هذه المسألة أنه إذا قال: إن دخلت هذه الدار فأنت بائن، ينوي به الطلاق ثم قال لها: إن كلمت فلاناً فأنت بائن ينوي به الطلاق ثم دخلت الدار ووقع عليها تطليقة واحدة ثم كلمت فلاناً بعد ذلك يقع عليها تطليقة أخرى.

وإذا قال لها: إذا جاء الغد فاختاري، ثم أبانها ثم جاء الغد فاختارت نفسها لا يقع الطلاق كما لو نجز التنجيز.

وكذلك إذا قال لها: اختاري، ولم يقل إذا جاء الغد ثم اختارت نفسها بعدما أبانها لم يقع عليها شيء؛ لأن قولها اخترت إيقاع مبتدأ منها، وليس بإيجاد لشرط وقوع الطلاق، والواقع بقولها: اخترت البينونة، فإنه من جملة الكنايات فصار كما لو قال لها: أنت بائن ابتداءً وهناك لا يقع به شيء فههنا كذلك.

وأما الدخول في مسألة التعليق إيجاد شرط وقوع الطلاق، والوقوع مضاف إلى التعليق السابق، ووقت التعليق كان النكاح قائماً فيصح قوله: أنت بائن وصار بمنزلة قوله: أنت طالق بائن، ولو قال للمختلعة اعتدي، ينوي الطلاق، أو قال لها: استبرئي رحمك ونوى بالطلاق، أو قال لها أنت واحدة يقع بها تطليقة أخرى.

وقال أبو يوسف رحمه الله؛ لا يقع بها شيء لأنها من جملة الكنايات، وبهذا يحتاج فيه إلى النية، فلا يقع بها شيء كسائر الكنايات. ولهما أن هذه الألفاظ في حكم الصريح على معنى أن الواقع بها رجعي، وإنما اعتبرت النية لأنه في الصريح يحتمل وجوهاً أُخَر. أما بعدما نوى كان الواقع صريحاً والصريح يلحق بالصريح بالإجماع. وإذا قال لمبانته أبنتك بتطليقة ولا يقع عليها شيء. ولا يلغو، قوله أبنتك، بخلاف ما لو قال لها: أنت طالق بائن، فإنه يقع عليها تطليقة، ويلغو قوله: أبنتك، لأن في قوله أنت طالق بائن لو ألغينا قوله بائن، يبقى قوله أنت طالقة وإنه كلام مبتدأ في الإيقاع فألغيناه تصحيحاً للإيقاع.

أما في قوله: أبنتك بتطليقة لو ألغينا قوله: أبنتك يبقى قوله بتطليقة، وإنه غير مفيد في الإيقاع. وعلى هذا إذا قالت المختلعة لزوجها خويشتن خريسدم أرقوا بكابين وتقع عدة، فقال الزوج لا يقع بشيء، فلا يلغو قوله: فروختم الأفللو ألغيناه يبقى قوله بيك طلاق، وإنه لا يفيد شيئاً، فكل فرقة توجب التحريم مؤبداً فإن الطلاق لا يلحق بالمرأة؛ لأنه لا يظهر له أثر، وكذلك إذا اشترى منكوحته لا يلحقها الطلاق.

وإذا ارتد الرجل ولحق بدار الحرب لم يقع على المرأة طلاقه؛ لأن تباين الدارين ينافي النكاح، فيكون منافياً للطلاق الذي هو من أحكام النكاح، فإن عاد إلى دار الإسلام وهي في العدة وقع عليها الطلاق؛ لأن المنافي وهو تباين الدارين قد ارتفع، ومحلية الطلاق بالعدة إنها قائمة فيقع الطلاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>