لزوجها: طلقني، فطلقها ثلاثاً ثمَّ مات وهي في العدّة ورثت استحساناً؛ لأنّها سألت الواحدة، وهو طلّقها ثلاثاً، فقد طلّقها بغير رضاها.
وحدُّ مرض الموت الذي يصير الزوج بالطلاق فيه فارّاً ولا يصحّ من المريض تبرعاً به: أن يكون صاحب فراش قد أضناه المرض، فأمّا الذي يجيء ويذهب في حوائجه فليس بمريض ولا فار، وإن كان يشتكي مع ذلك ويحم، هكذا ذكر محمّد رحمه الله، وهكذا ذكر القدوري في «شرحه» فقد شرط أن يكون صاحب فراش، وبه أخذ بعض مشايخ بلخ، وبعض مشايخ ما وراء النّهر رحمهم الله حتى إنَّ على قول هؤلاء: من أخذه وجع البطن لا يكون مريضاً مرض الموت.
واختلفوا فيما بينهم في معنى قوله: فأما الذي يجيء ويذهب في حوائجه، قال مشايخ بلخ رحمهم الله: أراد به الذهاب إلى حوائجه في البيت من مشيه إلى الخلاء، وأشباه ذلك. وقال مشايخنا رحمهم الله: أراد به الذهاب إلى حوائجه خارج البيت، حتّى إنَّ على قول مشايخنا رحمهم الله إذا أمكنه الذهاب إلى حوائجه في البيت ولكن لا يمكنه الذهاب إلى حوائجه خارج البيت فهو مريض وهو الصحيح.
فأمّا المرأة لا تحتاج إلى الخروج في حوائجها، فلا يعتبر هذا الجزء في حقّها، ولكن إذا كانت بحيث لا يمكنها الصعود على السطح فهي مريضة، وقد ذكر محمّد رحمه الله في «الأصل» مسائل تدلُّ على الشرط الذي هو خوف الهلاك على طريق الغلبة، لا كونه صاحب فراش، فإنّه قال: إذا أخرج الرّجل للقصاص أو للرجم فهو في حكم المرض، وكذا قال: إذا بارز وخرج عن الصفّ فهو في حكم المريض. ولو كان محصوراً ومحبوساً في جزاء وقصاص أو واقعاً في صفّ القتال فهو في حكم الصحيح؛ لأنّ الهلاك غالب في الذي أخرج للقتل، أو أُخرج للبراز، وليس بغالب في المحبوس والواقف في صفّ القتال، والمرأة في حالة الطلاق في حكم المريض وإن لم تكن صاحبة فراش؛ لأنّ التلف في هذه الحالة غالب، ذكره «القدوري» ، وإذا نزل في مسبعة أو ركب سفينة فهو في حكم الصحيح؛ لأنّ الهلاك في حقّها ليس بغالب، وإذا أخذه السبع بفمه، أو انكسرت سفينته وبقيت على لوح واحد فهو في حكم المريض؛ لأنَّ الهلاك في حقّه غالب.
وفي «الجامع الصغير» أيضاً ما يدلّ على أنّ الشرط خوف الهلاك على طريق الغلبة، فإنّه قال في المشلول والمقعد والمفلوج: ما دام يزداد منه فهو في حكم المريض؛ لأنّه ما دام يزداد منه من العلّة فالغالب أن آخره الموت، فإن صار قديماً لا يزداد فهو بمنزلة الصحيح؛ لأنّه لا يخلف عنه الهلاك غالباً، كذلك الموقوف على هذا، وبه أخذ بعض المشايخ رحمهم الله، وبه كان يفتي الصدر الكبير برهان الأئمة والصدر الشهيد حسام ... رحمهما الله، ومن المشايخ من قال: إذا خرج للرجم فهو في حكم المريض