رحمه الله من أوله إلى آخره، ومحمد رحمه الله لم يأخذ بأوله، وأمر بقطع الصلاة التي فيها عند تذكر الفائتة، عملاً بقوله عليه السلام:«من نام عن صلاة أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها» ، فإن ذلك وقتها وجعل وقت التذكير وقت الفائتة، فإذا صلى فيه غيرها لم يؤد الصلاة في وقتها، فلا يجوز.
والمعنى فيه: وهو أن الصلوات المكتوبات وجبت مرتبة وقتاً وفعلاً، والترتيب وإن سقط من جهة الوقت لمكان العذر وجب أن يراعى من جهة العقد، وكان الحسن بن زياد رحمه الله يقول: إنما يجب مراعاة الترتيب على من علم به أي: علم بوجوب الترتيب لا على من لا يعلم به أما الترتيب في نفس أفعال الصلاة ليس يقرأ من عندنا، حتى أن من أدرك الإمام ونام في أول الصلاة خلفه أو سبقه الحدث، فسبقه الإمام أو توضأ لعاد، فعليه أن يقضي أولاً ما سبقه الإمام به ثم يتابع الإمام إذا أدركه، ولو تابع الإمام أولاً قبل قضاء ما لم يصل ثم قضى ما لم يصل بعد تسليم الإمام جاز عندنا.
وكذلك في الجمعة إذا زحمه الناس، فلم يقدر على أداء الركعة الأولى مع الإمام بعدما اقتدى به، وبقي قائماً كذلك، ثم أمكنه الأداء مع الإمام، فإنه يؤدي الركعة الأولى أولاً، ولو أنه أدى الركعة الثانية أولاً مع الإمام ثم قضى الركعة الأولى بعد فراغ الإمام جاز عندنا، فنقول هذا الترتيب يسقط بعذر النسيان، وبضيق الوقت وبكثرة الفوائت، أما بالنسيان؛ فلأنه عاجز عن شرائط التكليف ولا تكليف مع العجز؛ ولأن مراعاة الترتيب عرفت بالخبر، والخبر يتناول حالة الذكر لا حالة النسيان بل في حالة النسيان خبر آخر بخلافه، وهو ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلّمخرج يوماً ليصلح بين حيين، فنسي صلاة العصر، وصلى المغرب بأصحابه ثم قال لأصحابه:«هل رأيتموني صليت العصر، فقالوا: لا» فصلى العصر ولم يعد المغرب ولو أنه نسي صلاة، ثم ذكر في الوقت الفائتة فصلى الفائتة وهو ذاكر للمنسية، وفي الوقت سعة لم يجز.
وأما إذا ذكرها بعد أيام فقد ذكر الشيخ الإمام الزاهد فخر الإسلام علي البزدوي رحمه الله: أنه لا تجوز الوقتية أيضاً، ونسب هذا القول إلى مشايخه وأشار إلى المعنى، فقال وقت التذكر وقت الفائتة، قال عليه السلام:«من نام عن صلاة أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها فإن ذلك وقتها» فإن صلى الوقتية فقد صلاها في غير وقتها، فلا يجوز، وذكر محمد رحمة الله عليه في «الأصل» : أنه يجوز.
هكذا ذكر الحاكم في «المنتقى» : عن بشر بن الوليد عن أبي يوسف رحمهم الله: أنه تجوز الوقتية، وهكذا ذكر الفقيه أبو الليث رحمه الله في «عيون المسائل» ، وعليه الفتوى؛