كذلك. وفي الاستحسان: الوقف على الصحة؛ لأن أصله وقع صحيحاً للفقراء إلا أن الواقف جعل لفلان المشيئة، فإن شاء ما يصح به الوقف يصح وإلا يبطل مشيئته.
نوع آخر
إذا قال: أرضي صدقة موقوفة على أن لفلان أن يعطي من شاء، فمات الواقف قبل أن يجعل فلان الغلة لأحد بطلت مشيئته قياساً؛ لأنه نائب عن الواقف في المشيئة، وموت المنوب عنه يوجب بطلان النيابة، وفي الاستحسان: له المشيئة ما دام حياً؛ لأن ملك الواقف قد زال بنفس الوقف، فلا يمكن أن يجعل فلان نائباً عنه في المشيئة، وإنما هو يصرف للموقوف عليهم، فموت الواقف لا يبطل ولايته كمن وقف وقفاً نصب قيماً، ثم مات الواقف.
فإن قال: فلان أعطيتها ولدي ونسلي جاز، وكذلك لو قال: جعلتها لولد الواقف جاز. ولو وضعها فلان في نفسه لم يجز، ولو أعطاها للواقف بطل الوقف بخلاف ما إذا جعل الواقف المشيئة إلى نفسه في إعطاء الغلة، فأعطى نفسه حيث لا يبطل الوقف؛ لأن ذلك لا يكون إعطاء؛ لأن اللفظ لا يتناوله، وهنا يكون إعطاء؛ لأن اللفظ يتناوله، فيتعين الواقف بتعينه، وصار كأن الواقف وقف على نفسه فيبطل ضرورة.
ولو قال فلان: جعلتها للأغنياء بطل الوقف؛ لأن تعيينه كتعيين الواقف، وكأن الواقف وقف على الأغنياء، وكذلك لو قال: جعلتها للواقف سنة ثم بعد ذلك للفقراء بطل الوقف كما لو وقف على نفسه ثم بعد ذلك على الفقراء، فإنه لا يصح؛ لأن في السنة لا يكون وقفاً وبعد السنة يكون تعليقاً بالحظر، وإنه لا يجوز.
نوع آخر
إذا قال: أرضي صدقة موقوفة على بني فلان على أن لي (أن) أفضِّل من شئت منهم كان ذلك جائزاً، ويكون له أن يفضل من شاء ولو ردَّ المشيئة فقال: لا أشاء، أو مات كانت الغلة بين بني فلان بالسوية، ولو حرم بعضهم ليس له ذلك؛ لأنه جعل لنفسه المشيئة في تفضيل البعض على البعض لا في حرمان.
وكذلك لو وقف على بني فلان على أن لفلان أن يفضل من شاء منهم، ولو كان بنوا فلان ثلاث إخوة، فقال: لأحدهم فضله بنصف الغلة فله ثلثا الغلة، والثلث للآخرين؛ لأنه جعل له نصف الغلة خاصة، ولم يتصرف في النصف الآخر بشيء، فبقي بينهم بالتسوية بأصل الوقف، فكان له من ذلك ثلثه وله النصف خاصة، فجملة ذلك الثلثان والثلث للآخرين.
ولو قال: أرضي صدقة موقوفة على أن لي أن أخص من شئت منهم، فهو كما قال: وله أن يخص من يشاء منهم، ولو دفع الكل إلى الكل، القياس: أن لا يجوز عملاً بكلمة (من) . وفي الاستحسان: أنه يجوز، وقد مر جنس هذا.
ولو قال: لا أخص واحداً منهم هذه السنة جاز، وكان بينهم بالتسوية بأصل الوقف. ولو قال: لا أشاء أن أخص واحداً