وكذلك المسبوق إذا سلم مع الإمام ناسياً، وظن أن ذلك مفسد، فكبر ونوى به الاستقبال كان خارجاً عن صلاته، والمعنى ما ذكرنا، وهذا بخلاف المنفرد إذا شك المنفرد فكبر ينوي الاستقبال حيث لا يكون خارجاً عن صلاته؛ لأن هناك الصلاة لم تختلف، فهو بمنزلة ما لو كان في الظهر، فكبر ينوي الظهر أو كان في العصر فكبر ينوي العصر، وهناك لا يصير خارجاً عن صلاته، كذا في المنفرد، ولا كذلك المسبوق على ما ذكرنا.
وفي «الرقيات» : كتب ابن سماعة إلى محمد في رجل صلى خلف إمام ركعة من صلاة فريضة (ثم) أن المأمور نوى أن يصلي صلاته لنفسه، أو نوى أن يؤم إمامه فيما بقي من الصلاة، فمضى على نيته ذلك، ويركع ويسجد ينوى بذلك كله الصلاة لنفسه أو يؤم أمامه ولا ينوي اتباع الإمام في شيء من ذلك غير أن ركوعه وسجوده كان بعد ركوع الإمام وسجوده، فلم يزل يفعل ذلك حتى أتم صلاته، قال: صلاته تامة، ولا يخرجه شيء من ذلك من صلاة الإمام؛ لأنه لم يفتتح الصلاة بتكبير مستقبل.
قال: ولا يشبه هذا أن يأتم ببعض المأمومين إذا ائتم ببعض المأمومين، فقد خرج من صلاة إمام إلى صلاة إمام غيره أما هنا بخلافه، فالرجل لا يكون إمام نفسه.
وفي «نوادر بشر» عن أبي يوسف: رجل دخل مع الإمام في صلاة الظهر ينوى التطوع ثم ذكر أنه لم يصل الظهر فقطعها ثم استأنف التكبير معه ينوي الظهر، فلا قضاء عليه لما كان من النافلة؛ لأنها صلاة واحدة، فإذا صلاها لم يكن عليه أن يقضيها، وكذلك لو دخل فيها ينوي الظهر ثم تكلم، ثم استقبل التكبير والدخول فيها ينوي النافلة ثم أفسدها لم يكن عليه إلا المكتوبة.
وفي «نوادر هشام» : قال: سمعت محمداً في رجل صلى المغرب في منزله ثم أدرك الجماعة، فدخل معهم والإمام في التشهد في آخر صلاته، قال: فإذا سلم الإمام فعلى هذا الداخل معه أن يصلي أربعاً كما يصلي الظهر، لكن يقرأ في كل ركعة بالفاتحة والسورة.
وفي «نوادر ابن سماعة» عن محمد: رجل صلى أربع ركعات جالساً، فلما قعد في الثانية منها قرأ وركع قبل أن يتشهد، قال: هو بمنزلة القيام ويمضي في صلاته لأنه من عمل القيام، وإن كان حين رفع رأسه من السجدة الثانية في الركعة الثانية نوى القيام، ولم يقرأ ثم علم، قال: يعود ويتشهد وليست النية في هذا بعمل، وهذا لأنه جالس حقيقة إلا أن في الفصل الأول وجد ما هو من أعمال القيام وهو القراءة، فاعتبر قياماً، وفي الفصل الثاني وجد مجرد النية، ومجرد النية لا أثر لها في تغيير الحقائق.
ذكر الحاكم في «المنتقى» : رجل يصلي بإيماء، فلما كان في الرابعة ظن أنها الثالثة، فنوى القيام فقرأ، وكان في قراءته مقدار التشهد ثم تكلم، قال: أجزته صلاته، قال: ولا يكون قائماً بنية القيام حتى يكون مع ذلك عمل يجزىء من شيء في الصلاة أو بزيادة ركوع أو سجود.