للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحب الشعير يضرب بشعير غير مخلوط بالحنطة، وإن لم يتفقا على شيء، فالخيار لصاحب الكثير إن كان الشعير أكثر، فالخيار لصاحب الشعير يأخذ المخلوط، ويضمن لصاحب الحنطة قيمة حنطته مخلوطاً بالشعير، وإن كانت الحنطة أكثر، فالخيار لصاحب الحنطة.

وفي «المنتقى» : عن أبي يوسف برواية ابن سماعة في رجل عنده ألف درهم وديعة لرجل فأقرضه إياها، أو قال: هي قضاء لما لك علي بأن كان للمودع على صاحب الألف ألف درهم، فلم يرجع إلى منزله ليقبضها حتى ضاعت، فهي من مال المودع، فلم يقبضها.

أصل المسألة: أن قبض الوديعة لا ينوب عن قبض الضمان، والقبض بجهة القرض، وبجهة الاقتضاء قبضُ ضمان.

استهلك الوديعة إنسان كان للمودع أن يخاصم المستهلك في القيمة؛ ذكره شمس الأئمة السرخسي في كتاب «الوكالة» : في باب الوكالة بقبض الوديعة والعارية: رجل أودع رجلاً صك ضيعة، والصك ليس للمودع، ثم جاء من كان الصك باسمه، وادعى ملك تلك الضيعة والشهود الذين بدلوا خطوطهم أبوا الشهادة حتى رأوا خطوطهم في الصك، فالقاضي يأمر المدعي المودَع حتى يرى الصك من الشهود ليروا خطوطهم، ولا يدفع الصك إلى المدعي، هكذا حكي عن الفقيه أبي جعفر الهنداوي، وعليه الفتوى.

ذكر شيخ الإسلام في أول شرح الشفعة: رجل أجلس عبده في حانوته، وفي الحانوت ودائع، فسرقت الودائع، ثم وجد المولى بعضها في يد عبده، وقد أتلف البعض، فباع المولى الغلام، فهذا على وجهين: إما إن كان للمودع بينة على ذلك، أو لم يكن، فإن كان للمودع بينة على ذلك، فهو بالخيار؛ إن شاء أجاز البيع وأخذ الثمن، وإن شاء نقض البيع وباعه في دينه؛ لأنه ظهر أن المولى باع المديون، وإن لم يكن له بينة، فله أن يحلف مولاه على علمه، فإن حلف لم يثبت، وإن نكل فهذا على وجهين: إن أقر المشتري بذلك، أو أنكر؛ إن أقر بذلك فهذا وما لو ثبت بالبينة سواء، وإن أنكر ليس له أن ينقض البيع، ويأخذ الثمن من المولى؛ لأن الدين ظهر في حق المولى أمّا ما ظهر في حق المشتري.

في «فتاوى أبي الليث» : استودع رجلاً ألف درهم، ثم غاب رب الوديعة، ولا يدري أحي هو أم ميت، فعليه أن يمسكها حتى يعلم موته، ولا يتصدق بها بخلاف اللقطة. إذا كانت الوديعة إبلاً أو بقراً أو غنماً، وصاحبها غائب، وأنفق عليها المودع بغير أمر القاضي، فهو متطوع؛ لأنه أنفق على دابة الغير بغير أمره، وبغير أمر من يلي عليه، وإن رفع الأمر إلى القاضي سأله البينة على كون العين وديعة عنده، وعلى كون المالك غائب، فإن أقام بينة على ذلك؛ إن كانت الوديعة شيئاً يمكن أن يؤاجر، وينفق عليه من غلتها؛ أمره القاضي بذلك، وإن كانت الوديعة شيئاً لا يمكن أن يؤاجر، فالقاضي يأمره بأن ينفق عليه من ماله يوماً أو يومين أو ثلاثة، رجاء أن يحضر المالك، ولا يأمره

<<  <  ج: ص:  >  >>