وإن ماتت قبل انقضاء العدّة فإنّه ينظر إلى المسمّى في بدل الخلع وإلى قدر ميراثه منها، فإن كان المسمّى مثل ميراثه منها أو أقلّ سلّم للزوج ذلك، فإن كان الخلع بمنزلة التبرّع، والمريض محجور عن التبرّع على الوارث؛ لأنّ المريض إنّما حجر عن التبرّع مع الوارث لما فيه من إبطال حقّ الباقين عن الزيادة على ميراثه، وليس في قدر ميراث الزوج إبطال حقّ على الباقين، فلم تصر محجورة عن هذا التبرّع مع الزوج، وإن كان المسمّى أكثر من ميراثه فيها، فإنّه لا تسلم له الزيادة على ميراثه إلا بإجازة بقيّة الورثة؛ لأنَّ حقّ الباقين يبطل عند الزيادة على قدر الميراث، وقد حجرت عن ذلك في حالة المرض بسب النكاح، والنكاح وإن ارتفع بالخلع فالعدّة باقية، وكلّ حجر يثبت بالنكاح يبقى ما بقيت العدّة على ما عرف أنَّ العدّة من آثار النكاح بخلاف ما بعد انقضاء العدّة؛ لأنّ بعد انقضاء العدّة ارتفع النكاح بأثره، فزوال المانع من التبرّع فيما زاد على قدر حقّه في الميراث إلى تمام الثلث، وصار حاصل التفاوت بينهما قبل انقضاء العدّة، وبينهما بعد انقضاء العدّة أن بعد انقضاء العدّة لا ينظر إلى قدر حقّ الزوج في الميراث، وإنّما ينظر إلى الثلث يُسلّم للزوج قدر الثلث من بدل الخلع. وإن كان أكثر من حقّه في الميراث فسلّم للزوج قدر حقّه في الميراث من بدل الخلع، ولا تسلم له قدر ثلث مالها إذا كان ثلث مالها أكثر من حقّه في الميراث. والفرق ما مرّ.
وإن كانت المرأة غير مدخولٍ بها وقد اختلف من زوجها بمهرها فإن النصف يعود إلى الزوج بحكم الطلاق لا بحكم التبرّع، ألا ترى إنْ طلقها قبل الدخول بها ولم يختلع منها عاد إلى الزوج ذلك، فلا يعتبر ذلك النصف أصلاً إلى الزوج من جهة المرأة حتّى يكون تبرّعاً من جهتها، وأمّا النصف الآخر وصل إليه من جهة المرأة فتعتبر متبرعة في ذلك، وقد حصل التبرّع على الأجنبي؛ لأنّ النكاح انقطع بأثره فسلم للزوج ذلك النصف من الثلث، وإن لم يكن لها مال سوى المهر سلّم للزوج ثلث ذلك النصف.
وإن كان الزوج ابن عمّ لها، والمرأة مدخول بها فإن كان لا يرث منها بحقّ القرابة بأن كان لها عصبة أخرى أقرب منه، فهذا وما لو كان الزوج (أجنبيّاً) أو إن كان يرث منها بحكم القرابة، وقد جاءت بعد انقضاء العدّة فإنّه ينظر إلى بدل الخلع وإلى قدر ميراثه منها بحقّ القرابة، فإن كان بدل الخلع قدر ميراثه أو أقلّ سلّم للزوج ذلك، فإن كان أكثر فالزيادة على قدر ميراثه منها لا تسلم له إلا بإجازة باقي الورثة.
وإن كانت المرأة غير مدخول بها، فإنَّ نصف المهر سلّم للزوج بالطلاق قبل الدخول، فلم تعتبر المرأة متبرعة في ذلك النصف، وإنّما تعتبر متبرعة في النصف الآخر، وقد صارت متبرّعة على الوارث، فينظر إلى ذلك النصف وإلى قدر ميراثه منها، فتسلّم للزوج الأقلّ منهما، وهذا إذا ماتت من مرضها، وإن برأت منه تسلم للزوج جميع ما سمّت، بمنزلة ما لو وهبت له شيئاً ثمَّ برأت من مرضها. ولو اختلعت من زوجها وهي صحيحة والزوج مريض فالخلع جائز بالمسمّى قلَّ ذلك أو كثر؛ لأنّها وإن صارت متبرّعة إلا أنّها صحيحة، والتبرّع من الصحيح نافذ، ولا ميراث بينهما سواء مات بعد انقضاء