كان يفتي ظهير الدين المرغيناني رحمه الله، وقيل: القول قول المرأة؛ لأنّ التمليك يصير من المرأة فيكون القول قولها في بيان جهة التمليك.l
وهذا أصل كبير في الشرع فيما إذا اختلعت الزوج والمرأة في الخلع فقال أحدهما اختلعا بألف وأقام على ذلك بيّنة،.... أحد الشاهدين أنّهم اختلعا بألف، وشهد الآخر أنّهما اختلعا بخمس مائة، فإن كان مدّعي الخلع الزوج فالجواب فيه كالجواب في دعوى مجرّد المال بلا سبب؛ لأنّ المدّعي إذا كان هو الزوج فالحاجة إلى إثبات المال لا إلى إثبات الطلاق؛ لأنَّ الطلاق وقع بإقرار الزوج.
ولو وقع الدعوى في الألف المجرّد وشهد أحد الشاهدين بألف والآخر بخمس مائة فعلى (٢٦٦أ١) قول أبي حنيفة رحمه الله لا تقبل الشهادة أصلاً، وعلى قولهما تقبل الشهادة على خمس مائة، كذا ها هنا، وإذا كان مدّعي الخلع المرأة لا تقبل هذه الشهادة بلا خلاف؛ لأنَّ الحاجة ها هنا إلى إثبات الطلاق؛ لأنّ الطلاق لا يثبت بمجرّد دعوى المرأة، والطلاق بألفٍ غير الطلاق بخمس مائة؛ لأنَّ شرط وقوع الطلاق بألف قبول الألف، وشرط وقوع الطلاق بخمس مائة قبول خمس مائة وهما شرطان مختلفان، وليس على كل واحد منهما إلا شاهد واحد.
نوع آخر في الخلع الواقع في المرض
قال محمّد رحمه الله في «الأصل» : إذا اختلعت المرأة من زوجها في مرضها بالمهر الذي كان تزوّجها عليه فهذا على وجهين: أمّا إن كان الزوج قريباً منها بأن كان ابن عم لها أو كان أجنبياً عنها، فإن كان الزوج أجنبيّاً فهو على وجهين: أما إن كانت المرأة مدخولاً بها، أو غير مدخول بها، ومتى كانت مدخولاً بها، أمّا إن ماتت هي في العدّة، أو ماتت بعد انقضاء العدّة، فإن كانت مدخولاً بها وماتت هي بعد انقضاء العدّة، وأنّه ينظر إلى المسمّى في بدل الخلع، وإلى ثلث مالها. فإن كان المسمّى ثلث مالها أو أقلّ فللزوج ذلك. وإن كان أكثر من ثلث مالها فليس للزوج الزيادة على الثلث إلا برضا باقي الورثة، وهذا إذا كان لها مال آخر سوى المهر يخرج المسمّى من الثلث، وإن لم يكن لها مال آخر سوى المهر الذي تزوّجها عليه يعتبر الثلث من المهر وهذا لأنَّ الخلع منها بمنزلة التبرّع؛ لأنّها تبدل مالاً بإزاء مال يتعلّق به حقّ الورثة، وهو منافع بضعها. ومن غير حاجتها إلى ذلك فإنّها غير محتاجة إلى الخلع حاجة أصلية، والتبرّع من المريض إذا حصل مع الأجنبي يصحّ بقدر الثلث من غير إجازة الورثة، ويقف فيما زاد على الثلث على إجازة الورثة، والتبرع حصل ها هنا مع الأجنبي لما ماتت بعد انقضاء العدّة؛ لأنّه لم يبق لها وارثٌ في هذه الحالة، لانقطاع بيّنة الورثة، وهو النكاح بعد انقضاء العدّة من كلِّ وجه.