وفي «الزيادات» : إذا قبض المشتري المبيع في البيع الفاسد من غير إذن البائع ويهبه، فإن قبض في المجلس يصح القبض استحساناً ويثبت الملك فيه للمشتري، وإن قبض بعد الافتراق عن المجلس لا يصح قبضه قياساً واستحساناً ولا يثبت الملك للمشتري، وإذا أذن له بالقبض فقبض في المجلس أو بعد الافتراق عن المجلس صح قبضه ويثبت الملك قياساً واستحساناً.
وفي «البقالي» : لو كان وديعة عنده وهي حاضرة ملكها، وعن الفقيه أبي جعفر الهندواني أنه قال: يجب أن يجوز القبض بعد الافتراق عن المجلس بغير إذنه إذا كان أدى الثمن، والتخلية في البيع الفاسد ليست بقبض يثبته في شرح «الزيادات» .
وذكر في «الجامع» مسألة تدل على أنها قبض.
وصورة ما ذكر في «الجامع» : إذا اشترى الرجل شراءً فاسداً والعبد وديعة عند المشتري إلا أنه ليس بحاضر عند الشراء فأعتقه المشتري كان عتقه باطلاً؛ لأن الملك في الشراء الفاسد لا يثبت بدون القبض وما وجد من القبض لا ينوب عن قبض الشراء؛ لأنه قبض الوديعة لا ينوب عن قبض الشراء، وبدون الملك لا يثبت العتق فأرجع المشتري إلى العبد وقبضه حقيقة، أو يخلي به بحيث يكون قابضاً له، ثم أعتقه صح الإعتاق؛ لأنه يصير قابضاً بإذن البائع حتى لا يكون للبائع ولاية الاسترداد فههنا كذلك، وإذا صار قابضاً بإذن البائع صار المبيع ملكاً له بالعقد السابق، والإعتاق صادف ملك نفسه.
ألا ترى أن محمداً رحمه الله: أثبت الملك للمشتري في هذه الصورة إذا تخلى بالعبد حتى جوّز إعتاقه، والملك في البيع الفاسد لا يثبت بدون القبض، ثم إن الملك وإن كان يثبت في البيع الفاسد عند اتصال القبض به عندنا إلا أن هذا الملك يستحق النقض إعداماً للفساد، ولأن إعدام الفساد واجب حقاً للشرع.
ولأجل ذلك قلنا: أنه يكره للمشتري أن يتصرف فيما اشترى شراءً فاسداً بتمليك أو انتفاع؛ لأن الفسخ مستحق إعداماً للفساد، وفي التصرف تقرر الفساد، مع هذا لو تصرف فيه تصرفاً نفذ تصرفه لمصادفته ملكه، ولا ينقض تصرفه ويبطل به حق البائع في الاسترداد سواء كان تصرفاً يحتمل البعض بعد ثبوته كالبيع والإجارة والرهن، أو لا يحتمل البعض بعد ثبوته كالإعتاق والتدبير وأشباه ذلك إلا الإجارة والنكاح فإن هذه (٦٦أ٣) التصرفات لا تبطل حق البائع في الاسترداد على ما يتبين بعد هذا إن شاء الله، فلم يحمل البائع بيعاً فاسداً حتى تنقض تصرفات المشتري فيما ينوي الإجارة والنكاح مع أن البائع حقاً في المشترى شراءً فاسداً، وهو حق الأخذ وجعل للشفيع حق نقض جميع التصرفات المشتري لما أن له في الدار المشفوعة حقاً.
واختلفت عبارة المشايخ في بيان الفرق بعضهم قالوا: الحق في المشتري شراء فاسداً للبائع وهذه التصرفات من المشتري حصل عند تسليط البائع؛ لأن البائع، أوجب له الملك المطلق لهذه التصرفات فتكون هذه التصرفات حاصلاً عن تسليط فيكون راضياً به فيظهر نفاذها في حقه فلا يكون له إبطالها بعد ذلك.