قبل أن يفيق من تلك النومه يبرأ، وإن أعاد إلى إصبعه بعدما تنبه ثم نام لا يبرأ، وذكر الحسن بن زياد في كتاب الاختلاف أخذ من نائم نعله أو خاتماً كان في إصبعه، ثم أعاد إلى مكانه وهو نائم؛ قال أبو يوسف: إن لم يستيقظ حتى رده برىء، وإن استيقظ ثم نام ثم رده، ثم ضاع ضمن إذا لم ينتبه بعد ذلك، وقال محمد رحمه الله: إن أعاد في مجلسه ذلك استحسن أن يبرأ عن الضمان؛ سواء رده في تلك النومة أو نومة أخرى وإلا ضمنته، وكذلك إذا رده إلى إصبع أخرى.
إذا لبس ثوب غيره بغير أمره حال غيبته، ثم نزعه، وأعاده إلى مكانه؛ لا يبرأ قال مشايخنا: وهذا إذا لبس كما يلبس ذلك الثوب عادة، فأما إذا كان قميصاً، فوضعه على عاتقه، ثم أعاده إلى مكانه، فلا ضمان؛ لأن هذا حفظ، وليس باستعمال.
في آخر كتاب «اللقطة» وفي «المنتقى» ابن سماعة عن محمد: في رجل أخذ ثوب رجل من بيته بغير أمر، فلبسه ثم رده إلى بيته، فوضعه فيه، فهلك؛ لم يضمن استحساناً، وكذلك لو أخذ دابة غيره من آرية بغير أمره، ثم ردها إلى موضعها، فذهبت فلا ضمان استحساناً، وإن أخذ الدابة من غير المالك غصباً ثم ردها، فلم يجد صاحبها، ولا خادمه، فربطها في دار صاحبها على معلفها، فهو ضامن؛ نص عليه شمس الأئمة في شرح كتاب العارية.
وفي «المنتقى» الحسن بن زياد عن أبي يوسف: رجل أخذ شيئاً من دار رجل بغير علمه، ثم رده بعد أيام إلى ذلك الموضع؛ لا يبرأ عن الضمان ما لم يرده على صاحبه.
وفيه ابن سماعة عن محمد: في رجل أخذ من كيس رجل خمسمائة درهم، وقد كان في الكيس ألف درهم، فذهب، ثم ردها بعد أيام، ووضعها في الكيس الذي أخذها منه، فإنه يضمن الخمسمائة التي كان أخذها، ولا يبرأ منها بردها إلى الكيس.
وفي «فتاوى أبي الليث» : غصب من رجل ثوباً، وجاء به إلى المغصوب منه، ووضعه في حجره، والمغصوب منه يعلم بالوضع؛ إلا أنه لا يعلم أنه ثوبه فجاء إنسان، وحمله من حجر المغصوب منه؛ قال: أخاف أن لا يبرأ عن الضمان؛ لأنه يقع عند المغصوب أنه وديعة، ولا يعلم أنه ثوبه ليتابع في الحفظ.
في هذا الموضع أيضاً: غصب من آخر سفينة، فلما ركبها وبلغ وسط البحر لحقه صاحبها، فليس له أن يستردها من الغاصب، لكن يؤاجرها من ذلك الموضع إلى الشط مراعاة للجانبين.
وكذلك لو غصب دابة، ولحقها صاحبها في المفازة في موضع المهلكة، فليس له أن يستردها، ولكن يؤاجرها منه لما قلنا.
وإذا كفن الميت في ثوب غصب، ودفن وأهيل التراب عليه، فإن كان للميت تركة أخذ القيمة من تركته، ولا ينبش الميت، وكذا إذا لم يكن للميت تركة، ولكن تبرع إنسان بأداء القيمة أخذ المالك القيمة من المتبرع، ولا ينبش القبر، وإن لم يكن شيء من ذلك فصاحب الكفن بالخيار؛ إن شاء تركه لآخرته، وهو له فضل، وإن شاء نبش القبر، وأخذ الكفن، قيل: هذا إذا كفن من غير خياطة، فإن نبش القبر، وأخذ