وفي قوله: متى أعطيتني يقع الطلاق إذا وجد الإعطاء في المجلس أو خارج المجلس.
وإذا قال لامرأته أنتِ طالق وعليك ألف درهم فقبلت أو قال لعبده أنت حر، وعليك ألف درهم فقبل عتق العبد، وطلقت المرأة، فلا شيء عليهما في قول أبي حنيفة رحمه الله، وقال أبو يوسف ومحمّد رحمهما الله على كلّ واحد منها ألف درهم؛ لأنّ قوله: وعليك ألف درهم يستعمل في معنى المعاوضة فقال: أحمل هذا المتاع إلى منزلك، وعليك ألف درهم، أخيط هذا الثوب لك، وعليك درهم بعتك هذا الثوب وعليك درهم فكان بمنزلة قوله بدرهم، فصار تقدير مسألتنا أنتِ طالق بألف درهم.
ولأبي حنيفة رحمه الله أنّ الواو قد تجيء بمعنى العطف وقد تجيء بمعنى الابتداء، فلو حملناه على العطف يجب المال، ولو حملنا على الابتداء لا (فلا) يجب بالشك، وفي البيع والإجارة حمل على العوض بدلالة العقد فإن كلّ واحد من العقدين معاوضة، فذكرهما يكون ذكر العوض. وقوله: وعليك ألف درهم يكون بياناً لذلك، وفي مسألة الحمّال والخيّاط حمل على العوض؛ لأنَّ مثل هذا العمل عرفاً لا يعمل إلا بعوض وأمّا الطلاق قد يوقع بعوض، وقد يوقع بغير عوض.
على هذا الخلاف إذا قالت المرأة للرجل طلقني ولك ألف درهم وطلقها، فلا شيء له في قول أبي حنيفة رحمه الله خلافاً لهما ولو قالت: طلقني ولك ألف درهم، فقال الزوج أنتِ طالق على ألف التي سمّيت فإن قبلت لزمها المال ووقع الطلاق، وإن لم تقبل لا يقع الطلاق، وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله، وعلى قولهما يقع الطلاق وتجب الألف قبلت أو لم تقبل، ولو قال لها: أنتِ طالق بألف درهم على أنّي بالخيار، أو على أنك بالخيار ثلاثة أيّام فقبلت، فالخيار باطل إذا كان للزوج، وهو جائز إذا كان للمرأة، فإن ردّت المال ارتد الطلاق. وقال أبو يوسف ومحمّد رحمهما الله: الخيار باطل في الوجهين جميعاً.
وإذا قالت المرأة لزوجها: طلقني ثلاثاً بألف درهم، فطلقها واحدة وقعت واحدة بثلث الألف، ولو قالت طلقني ثلاثاً على ألف، فطلقها واحدة وقعت واحدة رجعيّة بغير شيء، وهذا قول أبي حنيفة رحمة الله، وقال أبو يوسف ومحمّد رحمة الله عليهما تقع واحدة بائنة بثلث الألف، فأبو يوسف ومحمّد رحمهما الله قاسا كلمة على حرف الباء حيث إن كلّ واحد منهما يستعمل في المعاوضات استعمالاً واحداً يقول الرّجل لغيره: بعت منك بألف درهم وبعت منك على ألف درهم.
وأبو حنيفة رحمه الله يقول كلمة على للشرط في وضع اللغة، وأمكن العمل بحقيقتها في باب الخلع؛ لأنَّ تعليق بدل الطلاق جائز نفياً للطلاق؛ لأنّ البدل يكون تبعاً للبدل في المبادلات، كالثمن تبع للمثمن فإذا صحّ تعليق بدل الخلع تبعاً للطلاق، جعلنا وجود الألف معلّقاً بإيقاع الثلاث فما لم يوجد إيقاع الثلاث، لا يوجد الشرط بكماله فلا ينزل شيء من الجزاء فأمّا في باب البيع والإجارة فالعمل بحقيقة الشرط غير ممكن؛ لأن كل واحد من البدلين في باب البيع والإجارة لا يقبل التعليق فجعل على مجازاً عن حرف